القاهرة الاخبارية: سياسات أمريكا التجارية تهدد بخسائر 90 مليار دولار

افادت القناة القاهرة الاخبارية، بأن صناعة السياحة الأمريكية تشهد أشد فتراتها اضطرابًا منذ سنوات، في ظل تصاعد السياسات الحمائية والقيود التجارية التي تفرضها الإدارة الأمريكية، وسط تحذيرات متزايدة من دخول الاقتصاد الأمريكي في حالة "ركود سياحي" قد تفقده نحو 90 مليار دولار من عائدات هذا القطاع الحيوي.
سوق سياحي ضخم
ووفق التقرير، يُقدّر حجم صناعة السياحة في الولايات المتحدة بنحو 2.36 تريليون دولار، ما يجعلها من أقوى أسواق السياحة والسفر في العالم. إلا أن الرياح التجارية المعاكسة التي تهب من واشنطن باتت تُهدد هذا السوق الضخم، وتضع مستقبل السياحة الأمريكية أمام مفترق طرق حرج، في وقت تواجه فيه منافسة شرسة من وجهات عالمية بديلة أكثر ترحيبًا وانفتاحًا.
وبحسب تقرير، حديث للمكتب الوطني للسفر والسياحة في الحكومة الفيدرالية بتسجيل انخفاض بنسبة 11.6% في أعداد الزوار الأجانب إلى الولايات المتحدة خلال شهر مارس الماضي مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، كما شهدت أبرز الدول المصدّرة للسياحة إلى أمريكا، مثل الصين وكندا والمملكة المتحدة، تراجعًا ملحوظًا في أعداد السياح، مما يعكس أثر السياسات التجارية سلبًا على حركة السفر.
شكّلت كندا مثالاً واضحًا على الردود السلبية للسياسات الأمريكية، إذ انخفضت حجوزات السفر منها إلى الولايات المتحدة بنسبة 70%، نتيجة مباشرة للرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة ترامب، والتي أثارت استياءً دوليًا واسع النطاق. هذه التوترات دفعت السائحين إلى إعادة النظر في وجهاتهم، مفضلين مقاصد أقل توتراً سياسياً وأكثر ترحيباً.
أزمة تتجاوز الحدود
لم تتوقف تداعيات الأزمة عند الجانب الاقتصادي، بل امتدت إلى تأثيرات سلبية على صورة الولايات المتحدة كوجهة سياحية عالمية، وقد انعكس ذلك في انخفاض الإنفاق السياحي الدولي بمعدل يُقدّر بنحو 22 مليار دولار، وسط تراجع واضح في حجوزات الفنادق، أسعار تذاكر الطيران، وتأجير السيارات، بحسب بيانات مكتب إحصاءات العمل الأمريكي.
أشارت "بلومبرغ إنتليجنس" إلى أن إنفاق السياح الأجانب في متاجر التجزئة الأمريكية، والبالغ قرابة 20 مليار دولار سنويًا، أصبح مهددًا أيضاً. وقد سُجّل تراجع في حركة الشراء من المراكز التجارية الكبرى، ما قد يُفاقم خسائر القطاع، ويضغط على قطاعات أخرى مرتبطة به مثل النقل والخدمات.

محاولات لإنقاذ ما يمكن إنقاذه
تحاول بعض المدن الأمريكية مثل بالم سبرينغز مواجهة الأزمة من خلال حملات ترويجية وترحيبية لاستعادة ثقة الزوار الأجانب، إلا أن التأثيرات السلبية تبقى طاغية، في ظل السياسات الاتحادية غير المتناغمة مع احتياجات قطاع السياحة.
في خضم هذه الأزمة، يرى بعض الخبراء الاقتصاديين أن هناك بارقة أمل في تراجع سعر صرف الدولار أمام عملات رئيسية مثل اليورو والجنيه الإسترليني والين الياباني، وهو ما قد يُعيد بعض الجاذبية للسوق الأمريكية كوجهة "أرخص" نسبيًا للسائحين.
تقييم السياسات التجارية
في ظل تفاقم الأزمة، ترتفع الأصوات المنادية بـإعادة تقييم السياسات التجارية التي أضرت بصورة الولايات المتحدة واقتصادها السياحي، إذ يطالب خبراء وصناع القرار بإيجاد توازن بين الحماية الاقتصادية والمصالح الحيوية المرتبطة بالسفر والسياحة، مؤكدين أن استمرار النهج الحالي قد تكون له تبعات طويلة الأمد يصعب احتواؤها لاحقًا.