عاجل

مفاوضات باريس.. ماهر نقواد:"مسرحية جيوسياسية" في زمن الحرب الباردة

الأزمة الأوكرانية
الأزمة الأوكرانية

 قدم ماهر نقواد، مدير المركز الأوروبي الآسيوي للدراسات الاستراتيجية، قراءة تحليلية معمقة حول جولة المفاوضات الجديدة التي تستضيفها باريس بشأن الأزمة الروسية الأوكرانية، واصفًا إياها بـ"المسرحية الجيوسياسية" التي تعكس تحوّلات غير مسبوقة في ميزان القوى العالمي.

وأكد نقواد، في مداخلة هاتفية على قناة "القاهرة الإخبارية"، أن العالم دخل فعليًا مرحلة "الجغرافيا الاقتصادية الجديدة"، أو ما يمكن تسميته بـ"الحرب الباردة الجديدة"، مشيرًا إلى أن الصراع لم يعد فقط عسكريًا أو سياسيًا، بل بات يدور حول السيطرة على مفاصل التكنولوجيا والطاقة وسلاسل التوريد بين الولايات المتحدة والصين، فيما تسعى أوروبا جاهدة لإثبات وجودها في هذا النظام الدولي المتغير.

تراجع الدور الأوروبي

سلّط نقواد الضوء على تراجع الدور التقليدي للقوى الأوروبية الكبرى، خاصة فرنسا وبريطانيا وألمانيا، والتي باتت تواجه تحديات حقيقية في الحفاظ على نفوذها العالمي. وأوضح أن هذه القوى تحاول إعادة تقديم نفسها كـ"قوة ثالثة" بين الكتلتين الأميركية والصينية، إلا أن هذا الدور يزداد صعوبة في ظل الهيمنة الثنائية الجديدة.

وأشار إلى أن استمرار الحرب في أوكرانيا يمثّل الفرصة الأخيرة لأوروبا لتكون طرفًا فاعلًا في رسم النظام العالمي القادم، حيث ترى أن الحفاظ على وجودها في الصراع يمنحها شرعية دبلوماسية وموقعًا تفاوضيًا في القضايا الدولية الكبرى.

واشنطن تغير استراتيجيتها

من جانب آخر، أكد نقواد أن هناك مؤشرات قوية على تغير في المقاربة الأمريكية تجاه الحرب الروسية الأوكرانية، موضحًا أن تقليص واشنطن لمساعداتها لكييف، إلى جانب التصريحات الروسية التي تُكرّس ضم مناطق أوكرانية لروسيا، تعكس جميعها اتجاهاً نحو إنهاء الصراع.

وأوضح أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن باتت أكثر حرصًا على طي صفحة الحرب في أوروبا الشرقية، ليس بدافع التراجع، وإنما للتفرغ للمواجهة الكبرى القادمة مع الصين، والتي تتطلب موارد وتركيزاً كاملاً على المستويات الاستراتيجية، والتقنية، والاقتصادية.

مدرسة واقعية جديدة 

أشار نقواد إلى أن الأسماء المشاركة في مفاوضات باريس، مثل ماركو روبيو وستيف ويتكوف، تنتمي إلى ما أسماه بـ"المدرسة الواقعية الجديدة"، وهي تيار سياسي داخل واشنطن لا يرى في أوروبا أهمية محورية كما كان الحال في السابق، بل يدعو إلى إعادة ترتيب الأولويات بما يخدم المصالح الأمريكية أولاً في مواجهة الصين.

ورأى أن المفاوضات التي تجري في العاصمة الفرنسية ليست سوى غلاف دبلوماسي لسيناريو مُعد سلفًا، يهدف إلى تهدئة الرأي العام الغربي، وتقديم مظهر من الجدية في البحث عن حلول للصراع، بينما الحقيقة أن واشنطن لم تعد ترى مصلحة في إطالة أمد الحرب.

<strong>ماهر نقواد</strong>
ماهر نقواد

نهاية سياسية للحرب

في ختام حديثه، رجّح نقواد أن نهاية الحرب الأوكرانية ستكون "سياسية لا عسكرية"، بما يتماشى مع التغيرات الجذرية في أولويات الولايات المتحدة على المسرح الدولي، مضيفًا أن واشنطن غير مستعدة بعد لإبرام صفقة مباشرة مع موسكو، حتى لا تُتهم بالتخلي عن أوكرانيا أو خيانة حلفائها الأوروبيين، إلا أن كل المؤشرات تدل على أن التسوية باتت قريبة، في سياق إعادة تشكيل النظام العالمي نحو توازن جديد بين القوى العظمى.

تم نسخ الرابط