في مواجهة ضغوط ترامب..
"شي" يطلق مبادرة الأسرة الآسيوية لتعزيز وحدة القارة وتحصينها اقتصاديًا

في مشهد دبلوماسي لافت يعكس تحولات عميقة في موازين القوى العالمية، دعا الرئيس الصيني شي جين بينج دول جنوب شرق آسيا إلى التكاتف والتضامن تحت مظلة ما أسماه بـ”الأسرة الآسيوية”، في خطوة تبدو موجهة بشكل مباشر لاحتواء التصعيد التجاري الذي تقوده إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضد بكين.
جاءت دعوة شي خلال جولة إقليمية شملت ماليزيا وكمبوديا وعدداً من العواصم الآسيوية، حيث حرص الزعيم الصيني على التأكيد أن آسيا يجب أن تبني جبهة اقتصادية موحدة ترفض الانصياع للابتزاز التجاري و”الهيمنة الغربية”، على حد تعبيره.
وفي خطاب حماسي ألقاه خلال مأدبة رسمية في العاصمة الإدارية الماليزية بوتراجايا، قال شي: “سنتصدى معًا لمحاولات بث الانقسام في منطقتنا، وسنحمي مستقبل أسرتنا الآسيوية المشرقة”، مضيفًا: “لن نسمح لقوى خارجية بأن تملي علينا تحالفاتنا أو تعيد تشكيل تجارتنا وفق مصالحها”.
الخطاب أعقبه إعلان مشترك بين الصين وماليزيا تضمّن خططًا لتوسيع التعاون في مجالات الصناعة وسلاسل التوريد والمهارات الرقمية، وتأكيدًا على تنفيذ برنامج تعاون اقتصادي وتجاري يمتد لخمس سنوات، فيما وُصف بأنه “تحالف استراتيجي رفيع المستوى”.

تحذيرات من التدخلات الخارجية
وفي خطوة لافتة، نُشر مقال للرئيس الصيني في وسائل الإعلام الكمبودية قبيل زيارته بنوم بنه، هاجم فيه السياسات الأحادية، محذرًا من التدخلات الخارجية التي تهدد أمن واستقرار دول المنطقة.
وأضاف: “نقف صفًا واحدًا ضد محاولات السيطرة، وضد من يسعى إلى زرع الفتنة بين شعوبنا”.
تصريحات شي جاءت في توقيت بالغ الحساسية، إذ تشتد الحرب التجارية بين بكين وواشنطن بعد أن رفعت إدارة ترامب الرسوم الجمركية على البضائع الصينية إلى 145%، بينما ردّت بكين بفرض رسوم انتقامية بلغت 125% على المنتجات الأمريكية.
ووفقًا لتقارير إعلامية دولية، تخطط واشنطن لممارسة ضغوط إضافية على شركائها التجاريين في آسيا لخفض اعتمادهم على السلع الصينية، وهي خطة وصفتها بعض الدوائر الاقتصادية بأنها محاولة لـ”تطويق الصين اقتصاديًا عبر الحلفاء”.
اختيار شي لجنوب شرق آسيا كأول وجهة خارجية له هذا العام لم يكن صدفة، بل رسالة مدروسة إلى واشنطن بأن بكين لن تقف مكتوفة الأيدي أمام محاولات عزلها، وأن تحالفات آسيا ليست للبيع.
وفيما تبدو بعض الدول مترددة بين العملاقين، فإن تحرك الصين الأخير قد يضعها في موقع القيادة الإقليمية في حال استمرت واشنطن في نهجها التصعيدي.