خبراء: قطر والسعودية والكويت تقود تحوّلًا استثماريًا استراتيجيًا داخل مصر

تشهد مصر في الآونة الأخيرة حراكًا استثماريًا نشطًا من قبل عدة دول عربية، في مقدمتها السعودية وقطر والكويت، في ظل جهود مكثفة من الحكومة المصرية لتحسين بيئة الأعمال وتوسيع قاعدة الشراكات الاستراتيجية.

ويمثل هذا التوجه الإقليمي دفعة قوية للاقتصاد الوطني، خاصة مع دخول استثمارات نوعية في قطاعات استراتيجية مثل الطاقة والتكنولوجيا والصناعة والسياحة، ويأتي هذا الزخم في وقت تسعى فيه مصر إلى جذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية لتعزيز النمو الاقتصادي وتحقيق التنمية المستدامة

قال الدكتور علي الإدريسي، أستاذ الاقتصاد الدولي وعضو الجمعية المصرية للاقتصاد والتشريع، إن العلاقات الاقتصادية بين مصر وقطر شهدت تقدمًا واضحًا في السنوات الأخيرة، في ظل رغبة حقيقية من الجانبين لتعزيز التعاون التجاري والاستثماري بما يخدم المصالح المشتركة.

نمو ملحوظ في التبادل التجاري بين القاهرة والدوحة

أوضح "الإدريسي" في تصريحات خاصة لـ"نيوز رووم"، أن حجم التبادل التجاري بين مصر وقطر ارتفع بنسبة 50% خلال عام 2021، ليصل إلى 93.13 مليون دولار مقارنة بـ62.09 مليون دولار في 2020، مضيفًا أن الصادرات المصرية لقطر تشمل الأجهزة الكهربائية والأثاث، بينما تستورد مصر مواد كيميائية وبوليمرات من الدوحة.

5.5 مليار دولار استثمارات قطرية في مصر حتى 2023

وأشار أستاذ الاقتصاد الدولي إلى أن قطر تُعد من أبرز المستثمرين العرب في السوق المصري، حيث بلغت قيمة استثماراتها نحو 5.5 مليار دولار حتى عام 2023، موضحًا أن هذه الاستثمارات تتوزع بين قطاعات البنوك والعقارات والطاقة والسياحة، وهو ما يعكس تنوع فرص التعاون بين البلدين.

تحويلات المصريين في قطر تدعم الاقتصاد المحلي

كما لفت إلى أن تحويلات المصريين العاملين في قطر تمثل أحد مصادر الدعم الرئيسية للاقتصاد المصري، حيث سجلت نحو 940.6 مليون دولار خلال العام المالي 2022/2023، بما يساهم في تعزيز الاحتياطي النقدي وتخفيف الضغط على الميزان التجاري.

ومن جانبه، أكد الدكتور مصطفى بدرة، أستاذ التمويل والاستثمار، أن زيارة الوفد السعودي المكوّن من نحو 100 مستثمر إلى مصر تمثل حلقة جديدة ضمن سلسلة من اللقاءات والزيارات المتبادلة بين الجانبين، في إطار تعزيز التعاون الاقتصادي المشترك بين مصر والمملكة العربية السعودية.

وفي تصريحات خاصة لـ"نيوز رووم"، أشار "بدرة" إلى أن هذه الزيارة ليست الأولى من نوعها، بل جاءت امتدادًا لزيارة سابقة قام بها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى القاهرة، والتي أسفرت عن توقيع عدة اتفاقيات ومذكرات تفاهم مهمة، بدأت ثمارها تتجلى من خلال هذه الزيارات المتتالية للوفود الاستثمارية.
‏

السوق السعودي والمصري.. انفتاح وتكامل

وأوضح "بدرة" أن الانفتاح الاقتصادي الذي تشهده المملكة حاليًا، ضمن رؤية السعودية 2030، يتناغم مع توجه الدولة المصرية نحو الانفتاح السياسي والاقتصادي، مشيرًا إلى أن البلدين يعملان بجدية على تحقيق تكامل اقتصادي في عدد من القطاعات، من أبرزها الطاقة، والبنية التحتية، والتكنولوجيا، والسياحة.

الربط الكهربائي يدخل حيز التنفيذ قريبًا

وأضاف أستاذ التمويل والاستثمار، أن من بين أبرز مجالات التعاون القادمة هو مشروع الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، والذي من المتوقع أن يشهد تقدمًا ملموسًا خلال الأشهر القليلة المقبلة، بما يعزز من فرص التكامل الاقتصادي بين البلدين.

الشراكات الاستراتيجية

اختتم أستاذ التمويل والاستثمار، بالتأكيد على أن مصر تعمل بجدية على الانفتاح نحو العالم سياسيًا واقتصاديًا، وتحرص على بناء شراكات استراتيجية مستدامة، خاصة مع دول الخليج وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية.
‏

ومن جانبه، أشاد الدكتور هاني توفيق، الخبير الاقتصادي، بحزمة من التحركات الاستثمارية الأخيرة التي تشهدها مصر، معتبرًا أن الاستثمار هو الحللتحسين المؤشرات الاقتصادية ودعم النمو، مشيراً إلى أن استقبال القاهرة أمس نحو 120 مستثمرًا سعوديًا يمثل دفعة قوية لمناخ الأعمال المصري.

قطر والكويت على خط الاستثمار في مصر

وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن دولتي قطر والكويت في طريقهما لضخ استثمارات جديدة داخل السوق المصرية، مما يشير إلى تحسن في ثقة المستثمرين العرب تجاه الاقتصاد المصري وفاعلية السياسات الإصلاحية التي تتبناها الدولة.

استثمارات صينية في صناعة السيارات بالمنطقة الاقتصادية

كما لفت الدكتورهاني توفيق إلى دخول استثمارات صينية جديدة إلى المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، تركز على صناعة السيارات، وهو ما يُعد نقلة نوعية في جهود توطين الصناعات الثقيلة وزيادة القيمة المضافة للمنتجات المحلية.

‏
إنشاء مدينتين صناعيتين للملابس الجاهزة بالصعيد

في إطار التوسع الصناعي، أكد توفيق على أن الحكومة تعمل على إنشاء مدينتين صناعيتين متخصصتين في الملابس الجاهزةبمحافظات الصعيد، مما يدعم التنمية المتوازنة ويفتح آفاقًا جديدة لتشغيل الشباب وتحفيز النمو خارج العاصمة.

إشادة بالحكومة والبنك المركزي

واختتم الدكتور هاني توفيق تصريحاته بالإشادة بدور الحكومة المصرية والبنك المركزي في جذب الاستثمارات العربية والأجنبية، داعيًا إلى مواصلة هذا النهج ودعم بيئة الأعمال بمزيد من الحوافز والتسهيلات لضمان استدامة التدفقات الاستثمارية.