علي جمعة: 97% من السنة النبوية تتعلق بالقيم الأخلاقية والإيمانية

أكد الدكتور علي جمعة، مفتي مصر الأسبق وعضو هيئة كبار العلماء، أن مصطلح "أهل السنة" لا يُقصد به مجرد مجموعة مذهبية أو طائفية، بل هو تعبير عن منهج حياة متكامل يعتمد على اتباع السنة النبوية الشريفة كمرجعية أساسية في الدين. وأضاف أن هذا النهج يعتمد على أسس علمية دقيقة ومتوارثة عبر الأجيال، ويعكس روح الإسلام الأصيلة في جميع جوانب الحياة.
جاء ذلك خلال حديثه في حلقة جديدة من بودكاست "مع نور الدين" على قناة "الناس"، حيث قدّم الدكتور علي جمعة عرضًا موسعًا لتاريخ نقل السنة النبوية وتوثيقها، والعلوم التي نشأت حولها لضمان سلامة الدين ووضوح المرجعيات.
ميراث الأنبياء في الحياة
بدأ الدكتور علي جمعة حديثه بالإشارة إلى أن "أهل السنة" هم الذين جعلوا السنة النبوية منهجًا لحياتهم، موضحًا أن هذا النهج لا ينفصل عن جوهر الإسلام بل هو امتداد طبيعي لتعليمات النبي محمد ﷺ، في مختلف المجالات، من العقيدة والسلوك إلى الفقه والتشريع.
وأوضح الدكتور جمعة أنه وفقًا لرواية أنس بن مالك عن عدد الصحابة الذين كانوا مع النبي ﷺ في حجة الوداع، كان هناك حوالي 114,000 صحابي، لكن الذين تم توثيق صحبتهم لا يتجاوز عددهم 9,500 فقط، بينهم 500 امرأة و9,000 رجل. واستشهد بكتب مثل "الإصابة في معرفة الصحابة" و"الاستيعاب في معرفة الأصحاب" لتوضيح هذا التفصيل.
من روى الحديث
أوضح جمعة أن نحو 1,700 صحابي فقط هم من رووا الحديث النبوي الشريف، بينما لم يروِ الغالبية العظمى منهم شيئًا. وأشار إلى أن الإمام أحمد بن حنبل أخرج أحاديث لنحو 900 صحابي في "مسنده"، أما الإمام البخاري فقد روى عن 254 صحابيًا فقط في صحيحه.
وأضاف أن من بين هؤلاء الرواة، هناك نحو 1,000 صحابي لم يرووا إلا حديثًا واحدًا فقط، في حين تفاوتت روايات الـ700 الآخرين، فمنهم من روى حديثين أو أكثر، بينما أكثر الرواة شهرة وتأثيرًا هم 15 صحابيًا فقط مثل: أبو هريرة، وابن عمر، وابن مسعود، وأبو سعيد الخدري وغيرهم، وهؤلاء يعرفون بـ"المكثرين من الصحابة".
الأخلاق والإيمان
وفيما يخص محتوى السنة النبوية، كشف جمعة أن عدد الأحاديث الواردة عن النبي ﷺ يصل إلى نحو 60 ألف حديث، نصفها ضعيف ونصفها الآخر مقبول، أي ما يقارب 30 ألف حديث مقبول.
لكنه أوضح أن الأحاديث المتصلة بالأحكام الفقهية لا تتجاوز 2,000 حديث فقط، وهو ما يعني أن 97% من السنة تدور حول القيم الأخلاقية والإيمانية، مثل قوله ﷺ:" والله لا يؤمن من بات شبعان وجاره جائع"، و*"من غشّنا فليس منا"*، وهي أحاديث تهدف لتقويم السلوك وترسيخ القيم العليا.

منهج "أهل السنة"
وأكد الدكتور علي جمعة أن الانتماء إلى "أهل السنة" يقوم على أساس علمي متين، يتمثل في التوثيق الدقيق للأحاديث والفهم العميق للنصوص، وهو ما أنتج أكثر من 21 علمًا للتوثيق مثل علم الرجال والجرح والتعديل، بالإضافة إلى 15 علمًا للفهم مثل أصول الفقه، والمنطق، والنحو، والبلاغة.
واختتم جمعة حديثه بالتنبيه إلى خطر الاستناد إلى الهوى في فهم الدين، قائلًا: "البعض اليوم يقول: ما أشعر به هو ما أفعله، دون علم أو ضوابط، وهذا انحراف خطير عن المنهج الشرعي، ويجب مواجهته بالعلم والانضباط". وأكد أن "أهل السنة" هم من حافظوا على الدين وعقله ونقله عبر الأزمان، وأنهم "لم يجعلوا أهواءهم معيارًا للحكم على النصوص أو الأشخاص".