لافروف: تزايد الوعي في الإدارة الأمريكية وروسيا لا تبحث عن رفع العقوبات

في موقف لافت يعكس تحولا في لغة الخطاب الروسي تجاه الولايات المتحدة، صرّح وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف أن هناك "أشخاصا عقلاء" بدأوا يبرزون داخل الإدارة الأمريكية، بعد إقصاء ما وصفهم بـ"الموالين لجو بايدن" عن مواقع التأثير في القرار، معتبرا أن الحوار مع واشنطن بات أكثر واقعية، وإن كان مشروطا بالحفاظ على استقلالية موسكو وسيادتها.
وبحسب صحيفة "كوميرسانت" الروسية، كشف لافروف أن "هؤلاء المسؤولين الجدد يعملون معنا حاليا على حل قضايا تبدو بديهية، كضمان استمرار عمل البعثات الدبلوماسية، حتى في ظل عدم قطع العلاقات الرسمية بين الجانبين".
الاقتصاد مقابل السياسة.. ومسارات دبلوماسية ناشئة
وأشاد الوزير الروسي بما وصفه بـ"بوادر منطقية" لدى صناع القرار الأمريكيين الجدد، مشيراً إلى أن إدارة الرئيس دونالد ترامب أكثر وضوحاً من إدارة بايدن فيما يتعلق بالمكاسب الاقتصادية.
وأضاف أن واشنطن بدأت مؤخراً مناقشات حول التعاون التجاري والاقتصادي، لكن إعادة هذا التعاون لن تكون ممكنة إلا إذا رُفعت القيود غير القانونية المفروضة علينا.
ووفق الصحيفة الروسية، أوضح لافروف أن مستوى العلاقات الاقتصادية بين البلدين تراجع بنسبة 95% مقارنة بذروته قبل عشر سنوات، والتي بلغت خلالها التبادلات التجارية نحو 30 مليار دولار، مؤكداً أن موسكو "لا تتوسل" رفع العقوبات، وأنها لن تسمح بأن تكون "تابعة" للولايات المتحدة حتى في حال تخفيف تلك الإجراءات.

بوتين يشدد على الاقتصاد السيادي
وربط وزير الخارجية الروسي مسألة العقوبات بما وصفه بانهيار مفاهيم العولمة، قائلاً: "العولمة لم تُدمّر في عهد ترامب بل على يد بايدن، الذي حول العقوبات إلى الأداة الوحيدة في سياساته الخارجية"، مضيفاً أن الرئيس فلاديمير بوتين أكد مراراً أهمية بناء اقتصاد مستقل وذاتي.
يأتي هذا التغيير في النبرة الروسية في أعقاب سلسلة من اللقاءات والمشاورات بين مسؤولين من الجانبين الروسي والأمريكي.
ففي 18 فبراير الماضي، استأنف الطرفان الاتصالات المباشرة خلال اجتماع عقد في العاصمة السعودية الرياض، اتفق فيه الوفدان على تهيئة الظروف لإعادة تنشيط العلاقات الدبلوماسية، وبدء خطوات نحو تسوية النزاع الأوكراني.
وبعد أسبوعين، ناقش ممثلو البلدين في إسطنبول ملفات تقنية، أبرزها تمويل البعثات الدبلوماسية وإمكانية استئناف الرحلات الجوية المباشرة بين موسكو وواشنطن.
كما أجرى الرئيسان فلاديمير بوتين ودونالد ترامب مكالمتين هاتفيتين خلال الشهرين الماضيين، ناقشا فيهما سبل تعزيز التعاون الثنائي.
زيارة استثمارية وتقدم ملموس
وفي مطلع أبريل الجاري، زار رئيس صندوق الاستثمار الروسي كيريل دميترييف العاصمة الأمريكية، حيث أجرى محادثات مباشرة مع مسؤولي البيت الأبيض.
وأكد في ختام الزيارة تحقيق "تقدم ملموس" في ملفات عدة، مع الإشارة إلى الحاجة لمزيد من اللقاءات لتفعيل ما وصفه بـ"قنوات التفاهم الاقتصادي".
الممتلكات الدبلوماسية والتأشيرات
كما عقد الجانبان لقاء آخر الأسبوع الماضي في القنصلية الروسية باسطنبول، طالبت خلاله موسكو بإعادة ستة عقارات دبلوماسية تابعة لها صادرتها السلطات الأمريكية في السنوات الأخيرة.
وأعلن الطرفان الاتفاق على وضع "خارطة طريق" لحل هذا الملف، تتضمن أيضًا تسهيل إجراءات التأشيرات وحركة الدبلوماسيين.
موسكو: الحوار لا يعني التنازلات
ورغم هذه المؤشرات، شدد لافروف على أن بلاده لن تنخرط في أي تعاون اقتصادي أو سياسي على حساب سيادتها. قائلاً: "نحن منفتحون على الحوار، لكن وفق معايير تحفظ لنا استقلالية القرار ومصالح الدولة الروسية".