عاجل

تفشي "الحمى القلاعية" .. ناقوس خطر يهدد أوروبا وقلق في البلاد المجاورة

الحمى القلاعية
الحمى القلاعية

تشهد دولاً في قلب أوروبا حالة من التأهب القصوى جراء تفشي مرض الحمى القلاعية بين قطعان الماشية، وهو الأمر الذي استدعى اتخاذ إجراءات حاسمة من قبل السلطات المعنية، فقد أدت سرعة انتشار هذا الفيروس شديد العدوى إلى إغلاق واسع النطاق للحدود بين الدول المتضررة والدول المجاورة، بالإضافة إلى عمليات ذبح مكثفة لآلاف الحيوانات المصابة والمحتمل إصابتها، وذلك سعيًا لاحتواء هذا الوباء الذي يهدد قطاع الثروة الحيوانية والاقتصاد الإقليمي، وفقًا لـ "صحيفة لابانجورديا الإسبانية."

 

من أين بدأت الشرارة الأولى للحمى القلاعية؟

تشير التقارير إلى أن الشرارة الأولى لهذا التفشي الخطير انطلقت من مزرعة ماشية تقع في شمال غرب المجر في أوائل شهر مارس، وبعد مرور نحو أسبوعين فقط، أكدت الاختبارات إصابة حيوانات في ثلاث مزارع متجاورة في سلوفاكيا بالفيروس، مما دق ناقوس الخطر بشأن سرعة وقوة انتشار هذا المرض، ومنذ ذلك الاكتشاف الأولي، امتد نطاق الإصابات ليشمل ثلاث مزارع أخرى داخل الأراضي المجرية وثلاث مزارع إضافية في سلوفاكيا، مما يمثل أول ظهور للحمى القلاعية في أي من البلدين منذ ما يزيد عن نصف قرن، وهو ما يسلط الضوء على ضعف أنظمة المراقبة أو طبيعة السلالة الجديدة من الفيروس.

وقد عبر ساندور زوبوسزلاي، وهو رجل أعمال وصياد محلي من بلدة ليفيل المجرية، التي شهدت إعدام ما يقرب من ثلاثة آلاف رأس من الماشية عقب اكتشاف المرض في إحدى مزارعها، عن حالة الارتباك والقلق التي تسود المنطقة، ووصف الوضع بأنه "انقلب رأسًا على عقب"، حيث يعيش المزارعون في خوف دائم على قطعانهم التي تمثل مصدر رزقهم، كما تعطلت حركة النقل بشكل كبير نتيجة لإغلاقات الحدود المفاجئة وغير المتوقعة.

أثر الحمى القلاعية على الحيوانات

يُعرف مرض الحمى القلاعية بتأثيره الأساسي على الحيوانات، والتي تشمل الأبقار والأغنام والماعز والخنازير والغزلان، ويتسبب الفيروس في ظهور أعراض واضحة مثل الحمى وظهور بثور وتقرحات مؤلمة على الفم والحوافر، مما يعيق حركة الحيوانات وقدرتها على الأكل.

ينتشر الفيروس بكفاءة عالية من خلال الاتصال المباشر بين الحيوانات المصابة والسليمة، أو عبر الأسطح الملوثة مثل الملابس وجلود الحيوانات والمركبات، وحتى عن طريق الهواء لمسافات قصيرة، الجدير بالذكر أن هذا الفيروس لا يشكل خطرًا كبيرًا على صحة الإنسان.

 

مجهودات مكثفة لوقف الزحف السريع للمرض

وفي محاولة جاهدة لوقف الزحف السريع للمرض واحتواء بؤر التفشي، كثفت السلطات المجرية عملياتها لتطهير المزارع والمركبات التي يُحتمل تلوثها في المناطق المتضررة. كما لجأت إلى وضع حواجز أو حصائر مبللة بمطهرات قوية عند مداخل ومخارج المدن والقرى الواقعة في محيط التفشي، وذلك بهدف القضاء على أي جزيئات فيروسية قد تكون عالقة بإطارات المركبات. ومع ذلك، أشارت التقارير إلى أن فعالية هذه الإجراءات قد تكون محدودة بسبب سرعة جفاف المطهرات وجرفها جزئيًا بفعل حركة المرور.

 

إغلاق الحدود المشتركة مع المجر

ردًا على الإجراءات المجرية التي اعتبرتها غير كافية لاحتواء المرض بشكل فعال، اتخذت الحكومة السلوفاكية قرارًا بإغلاق ستة عشر معبرًا حدوديًا مشتركًا مع المجر ومعبرًا واحدًا مع النمسا، وقد تم اختيار هذه المعابر تحديدًا لكونها أقل حركة مرور، مما يتيح للسلطات السلوفاكية تركيز جهودها على تشديد الرقابة على المعابر الحدودية الرئيسية الأكثر ازدحامًا، وفي تطور مماثل، أعلنت النمسا، التي لم تسجل أي حالات إصابة بالحمى القلاعية على أراضيها، عن إغلاق ثلاثة وعشرين معبرًا حدوديًا مع كل من المجر وسلوفاكيا كإجراء احترازي إضافي.

 

وحتى جمهورية التشيك، التي تبعد نسبيًا عن المزارع المجرية والسلوفاكية التي ظهر فيها المرض، اتخذت إجراءات وقائية تمثلت في فرض عمليات تطهير إلزامية على المعابر الحدودية الخمسة الرئيسية التي تستخدمها الشاحنات القادمة إلى البلاد. وقد أكد جيري سيرني، الأستاذ المشارك في جامعة التشيك للعلوم الحياتية في براغ، على أن الخطر الأكبر لانتقال العدوى لا يكمن فقط في حركة الحيوانات، بل أيضًا في الأشياء البشرية الملوثة مثل إطارات وهياكل السيارات الملوثة، ونعال الأحذية، وحتى المواد الغذائية.

 

وفي سياق متصل، صرح وزير الزراعة التشيكي ماريك فيبورني بأن القيود المفروضة على الحدود قد يتم رفعها بعد مرور ثلاثين يومًا من تاريخ ذبح آخر حيوان مصاب بمرض الحمى القلاعية في سلوفاكيا، مما يعكس التخوف من استمرار انتشار الفيروس وصعوبة السيطرة عليه بشكل كامل وسريع.

طرق الوقاية من الحمى القلاعية:

تعتبر الوقاية حجر الزاوية في مكافحة الحمى القلاعية، وتتطلب جهودًا متكاملة على المستويين الوطني والمزرعي:

 

على المستوى الوطني:

 

التطعيم الاستراتيجي: تنفيذ حملات تطعيم شاملة ومنتظمة للحيوانات الأكثر عرضة للإصابة باستخدام لقاحات فعالة تغطي السلالات المنتشرة في المنطقة.

 

نظام مراقبة ورصد فعال: إنشاء شبكة قوية للمراقبة النشطة (الفحوصات الدورية) والسلبية (تشجيع الإبلاغ عن الحالات المشتبه بها) للكشف المبكر عن أي ظهور للمرض.

 

ضوابط صارمة على حركة الحيوانات: تطبيق قوانين ولوائح تنظم نقل الحيوانات داخل وخارج البلاد، بما في ذلك الفحوصات الصحية والشهادات البيطرية والحجر الصحي للحيوانات المستوردة.

 

تعزيز الأمن الحيوي على الحدود: تشديد الرقابة على استيراد الحيوانات والمنتجات الحيوانية من المناطق التي تشهد تفشيا للمرض.

 

خطط طوارئ واستجابة سريعة: وضع وتنفيذ خطط طوارئ محكمة لتحديد إجراءات الاحتواء الفوري في حال ظهور أي بؤر إصابة، بما في ذلك تحديد مناطق الحجر الصحي والإعدام الآمن للحيوانات المصابة والمخالطة، وتوفير التعويضات للمتضررين.

 

حملات التوعية والتثقيف: إطلاق حملات توعية مكثفة تستهدف المزارعين والعاملين في قطاع الثروة الحيوانية لتعريفهم بأعراض المرض وأهمية تطبيق إجراءات الأمن الحيوي.

 

على مستوى المزرعة (إجراءات الأمن الحيوي):

 

تقييد حركة الدخول والخروج: التحكم الصارم في دخول وخروج الأفراد والمركبات من وإلى المزرعة، وتطهير جميع المركبات والأفراد عند البوابات.

 

النظافة والتطهير الروتيني: الحفاظ على نظافة الحظائر والمعدات الزراعية بشكل دائم وتطهيرها بمطهرات فعالة ضد فيروس الحمى القلاعية.

 

إدارة صحية جيدة للقطيع: توفير بيئة صحية ونظام غذائي متوازن للحيوانات لتعزيز مناعتها الطبيعية.

 

الحجر الصحي للحيوانات الجديدة: عزل أي حيوانات يتم إدخالها حديثًا إلى المزرعة في حجر صحي منفصل لمدة كافية لمراقبة أي علامات للمرض.

 

الإبلاغ الفوري عن أي أعراض مشتبه بها: توعية العاملين بضرورة الإبلاغ الفوري عن أي حيوانات تظهر عليها أعراض الحمى القلاعية للسلطات البيطرية.

 

التخلص الآمن من المخلفات: التخلص السليم والآمن من الروث والنفايات الحيوانية الأخرى لمنع انتشار الفيروس.

تم نسخ الرابط