محمود الأفندي: واشنطن تحاول إخراج الأوروبيين من الأزمة الأوكرانية (فيديو)

في قراءة تحليلية للمشهد الدولي، كشف الدكتور محمود الأفندي، الباحث في الشؤون الروسية، عن تحولات استراتيجية تقودها الولايات المتحدة الأمريكية في إطار الحرب الروسية الأوكرانية، تهدف بالأساس إلى تقليص الدور الأوروبي في هذه الأزمة الممتدة منذ أكثر من عامين.
جاءت تصريحاته خلال مداخلة هاتفية عبر تطبيق "زووم" على قناة "القاهرة الإخبارية"، حيث سلط الضوء على أبعاد التوجه الأمريكي وتداعياته على التوازنات الدولية، وموقع أوروبا في الصراع المحتدم.
تحجيم الدور الأوروبي
وأوضح الدكتور الأفندي أن واشنطن تعمل بشكل حثيث على تقليص حضور الأوروبيين في إدارة ملف الحرب الروسية الأوكرانية، مشيرًا إلى أن هذا التوجه ليس وليد اللحظة، بل هو جزء من استراتيجية أمريكية طويلة الأمد تهدف للسيطرة الكاملة على مفاتيح الصراع.
وأضاف أن الولايات المتحدة بدأت تدرك أن تعدد الأصوات داخل الاتحاد الأوروبي، واختلاف المصالح بين العواصم الأوروبية الكبرى، يُضعف من وحدة القرار الغربي، وهو ما دفعها لمحاولة التفرد باتخاذ القرارات المصيرية دون العودة إلى شركائها الأوروبيين.
الولايات المتحدة تستفيد
ولفت الباحث في الشؤون الروسية إلى أن استمرار النزاع يخدم أهدافًا اقتصادية وعسكرية لواشنطن، حيث تسعى لتعزيز صناعاتها الدفاعية من خلال تزويد أوكرانيا بالأسلحة، فضلًا عن تقوية حضورها العسكري في شرق أوروبا.
وأشار إلى أن الولايات المتحدة تعمل على تسويق نفسها كـ"حامي الديمقراطيات الغربية"، فيما تكسب من جهة أخرى مواقع استراتيجية جديدة في أوروبا، وتعيد ترتيب خريطة النفوذ بما يتماشى مع مصالحها الجيوسياسية.
تباين المواقف الأوروبية
وحول الموقف الأوروبي، قال الأفندي إن القارة الأوروبية تشهد حالة من الانقسام إزاء كيفية التعامل مع الحرب في أوكرانيا، حيث تختلف مواقف دول مثل ألمانيا وفرنسا عن مواقف بولندا ودول البلطيق، ما يجعل أوروبا غير قادرة على قيادة موقف موحد تجاه روسيا.
وأردف أن هذا التباين أتاح للولايات المتحدة فرصة الانفراد بالمشهد، وسط غياب تأثير واضح من العواصم الأوروبية الكبرى، والتي باتت أكثر انشغالًا بتداعيات الحرب على اقتصاداتها المحلية، من التضخم وأزمة الطاقة إلى اضطرابات الأسواق.
روسيا تراقب وتستفيد
وأكد الأفندي أن روسيا تتابع عن كثب هذا التراجع في الموقف الأوروبي الموحد، وتُراهن على استنزاف الغرب سياسيًا واقتصاديًا على المدى الطويل. وأشار إلى أن موسكو تنظر إلى الخلافات بين واشنطن وبروكسل كفرصة لتفكيك الجبهة الغربية، وإعادة فرض نفسها كقوة عالمية فاعلة.
وتابع قائلاً: "الكرملين يدرك أن الانقسام الغربي هو عامل قوة له، ووسيلة لفرض شروطه مستقبلًا على أي طاولة مفاوضات، وهو ما يفسر صلابة الموقف الروسي ورفضه تقديم تنازلات حتى الآن".

الدعوة لحل سياسي
اختتم الأفندي تصريحاته بالتأكيد على أن الحل العسكري أثبت فشله في إنهاء الحرب، وأن هناك أصواتًا دولية تتزايد للمطالبة بحل سياسي شامل يعيد الاستقرار للمنطقة. لكنه شدد في الوقت ذاته على أن الولايات المتحدة لا تزال تراهن على كسب المزيد من النفوذ من خلال استمرار النزاع، ما يعقّد فرص الوصول إلى تسوية قريبة.