علي جمعة: عشوائيات الفكر والدين تشكل خطرًا أكبر من العشوائيات العمرانية |فيديو

في حديث صريح ومباشر، كشف الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف ومفتي الديار المصرية الأسبق، عن جذور ظاهرة العشوائية في التعامل مع العلم الديني، مؤكدًا أن هذه الظاهرة أصبحت تشكل خطرًا كبيرًا يعادل تهديد العشوائيات العمرانية التي عانت منها مصر لعقود.
جاء ذلك خلال مشاركته في بودكاست "مع نور الدين"، الذي يتم بثه على قناة الناس، حيث تناول جمعة ملامح هذه الظاهرة التي وصفها بـ"المؤرقة". وأشار إلى أن الجمهورية الجديدة، التي نجحت في القضاء على عشوائيات السكن، يجب أن تتحرك الآن لمواجهة عشوائيات الفكر والدين، التي لا تقل خطورة.
تاريخ من العشوائية
وتحدث الدكتور علي جمعة عن نشوء هذه الظاهرة عقب أحداث 2011، مشيرًا إلى أن مصر كانت تحتوي على 196 منطقة سكنية عشوائية، وأن السكوت وعدم الانتباه كان سببًا رئيسيًا في تفاقم المشكلة. وأضاف أن الدولة اليوم قد نجحت في مواجهة العديد من التحديات مثل العشوائيات السكنية ووباء فيروس "سي"، مشددًا على ضرورة التحرك لمواجهة "عشوائية الفكر والدين" التي تسبب اضطرابًا ثقافيًا وفكريًا.
وأكد جمعة أن العشوائية الفكرية تظهر في الأشخاص الذين يتصدرون للحديث باسم الدين دون تأهيل علمي حقيقي. وأوضح أن هؤلاء الأفراد لم يتبعوا مناهج الأزهر ولم يكتسبوا منهجياته الراسخة، مما يساهم في نشر أفكار سطحية لا تُمثل العلم الشرعي الحقيقي.
الأزهر الحصن الحصين
وأكد د. جمعة أن شيخ الأزهر والإمام الأكبر يقف بالمرصاد لكل محاولة لإنشاء كيان ديني موازٍ للأزهر، واصفًا هذه المحاولات بأنها بمثابة "مسجد ضرار"، تهدف لتقويض مرجعية الأزهر الأصيلة، التي تمتد عبر قرون وتشمل أكثر من 103 جنسيات حول العالم، موضحًا: "الأزهر مؤسسة علمية عريقة، وله منهج واضح لا يقبل العشوائية ولا السطحية، ومَن يحاولون الالتفاف عليه تحت مسميات دينية، لا يفهمون قيمة العلم ولا خطورة ما يفعلون".
وأضاف أن العلم الشرعي ليس مجرد كلمات تُقال أو خطب تُلقى، بل دراسة ومنهج ومسؤولية، وأن من يسعى لنشر ثقافة دينية دون علم يساهم في خلق "عشوائيات فكرية" قد تكون أشد ضررًا من العشوائيات المادية.

دعوة للوعي والتعلم
في ختام حديثه، وجه الدكتور علي جمعة نداءً للجمهور للعودة إلى العلم الأزهري الصحيح، محذرًا من مغبة الانزلاق في الفوضى الفكرية. وأشار إلى أهمية الاستفادة من دروس التاريخ، والوعي بخطورة ترك المجال مفتوحًا للأفكار غير المتخصصة التي قد تؤدي إلى فوضى فكرية واسعة النطاق.
وأشار جمعة إلى أن الوقت قد حان لضبط الفكر الديني من خلال العودة إلى المنهج الأزهري القويم، مؤكدًا أن هذه الخطوة ضرورية لتحقيق استقرار فكري وديني في المجتمع المصري.