عاجل

واشنطن تُغلق نوافذها إلى العالم.. "الحرة" و"صوت أمريكا" في مهب سياسات ترامب

ترامب
ترامب

في هجوم مباشر على أحد أهم أذرع النفوذ الأمريكي حول العالم، أقدم الرئيس دونالد ترامب على تقويض المنظومة الإعلامية الدولية للولايات المتحدة، عبر قرارات مفاجئة بوقف التمويل وتقليص العاملين في الشبكات الإعلامية الرسمية الموجهة للخارج، على رأسها قناة "الحرة"، وإذاعة "صوت أمريكا"، وإذاعة "أوروبا الحرة". وهي قرارات وُصفت بأنها ضربة قاتلة للقوة الناعمة الأمريكية، التي طالما لعبت دورًا محوريًا في معركة الخطاب العالمي.

بحسب وسائل إعلام أمريكية، أعلن الدكتور جيفري جيدمن، الرئيس التنفيذي لشبكة الشرق الأوسط للإرسال (MBN)، السبت، عن تقليص عدد كبير من موظفي الشبكة، وهو ما وصفه بالاضطرار المؤلم نتيجة استمرار الوكالة الأمريكية للإعلام الدولي في وقف تحويل الميزانية التي كان الكونغرس قد أقرها بالفعل.

وأشار جيدمن، في تصريحات صحفية، إلى أن قرار تقليص العمالة سيجبر الشبكة على خفض إنتاجها التلفزيوني والرقمي إلى حدّه الأدنى، مما يجعلها تواصل العمل بعدد محدود جدًا من الموظفين.

 وانتقد إدارة "كفاءة الحكومة" التي أنشأها ترامب، بالإضافة إلى مستشارته كاري ليك، بسبب وقف التمويل بشكل مفاجئ وغير قانوني بعد يوم واحد فقط من موافقة الكونجرس عليه.

وعبّر السفير الأمريكي السابق رايان كروكر، الرئيس المؤقت لمجلس إدارة MBN، عن قلقه البالغ من هذه الإجراءات، واصفًا الشبكة بأنها "كنز دفين من المواهب والأمن القومي"، محذرًا من أن تقويضها سيمنح مساحة أكبر للخطاب المعادي لأمريكا في منطقة الشرق الأوسط.

بسبب ترامب .. إذاعة أوروبا الحرة تواجه الإغلاق بعد 76 عامًا على تأسيسها -  بوابة الأهرام

استهداف الإعلام الموجّه

الإجراءات لم تتوقف عند "الحرة"، إذ طالت قرارات الإدارة الأمريكية عددًا من وسائل الإعلام الموجهة والممولة فيدراليًا مثل "صوت أمريكا"، و"آسيا الحرة"، و"أوروبا الحرة"، والتي كانت تشكل أدوات فعالة لمواجهة البروباجندا الروسية والصينية، بحسب مراقبين.

وتم إعلام مئات الموظفين في هذه المؤسسات عبر رسائل إلكترونية بضرورة تسليم بطاقاتهم الصحفية وهواتفهم والمعدات الأخرى، مع منعهم من دخول مقارهم، في خطوة مثّلت صدمة للعاملين في قطاع الإعلام الدولي.

وقد جاءت هذه الخطوات عقب إصدار ترامب أمرًا تنفيذيًا يقضي بإعادة تصنيف الوكالة الأمريكية للإعلام العالمي ضمن البيروقراطية الفيدرالية التي اعتبرها “غير ضرورية”، رغم أن استقلالية هذه الوسائل الإعلامية لطالما كانت محمية بقانون يفصل بينها وبين التأثير السياسي المباشر.

هجوم شامل على الإعلام.. من "البيت الأبيض" إلى المحاكم

قرارات ترامب هذه جاءت ضمن موجة أوسع من التضييقات على الصحافة، والتي شملت أيضًا تقييد وصول المؤسسات الإعلامية إلى البيت الأبيض، واستبعاد بعض الجهات من تغطية الفعاليات الرسمية، في ممارسات وصفتها جمعية مراسلي البيت الأبيض بأنها “انتهاك صريح للتعديل الأول للدستور”.

بل وصل الأمر إلى محكمة فيدرالية بعد أن رفعت إذاعة "أوروبا الحرة" دعوى قضائية ضد إدارة ترامب ومستشارته كاري ليك، احتجاجًا على ما وصفته بوقف غير قانوني للتمويل الفيدرالي المخصص لها، وهو تمويل أقره الكونغرس لتغطية نشاطها كجهة قانونية تعمل بموجب قانون البث الدولي.

ارحل يا دونالد».. سياسات ترامب تفجر مظاهرات ضده في واشنطن وباريس ولندن  (صور) | صوت الأمة

ردود فعل غاضبة وسخرية رسمية

في أعقاب تلك الإجراءات، برزت ردود فعل غاضبة من قيادات إعلامية وسياسية، بينما فضل آخرون التعبير بالسخرية؛ حيث كتبت كاري ليك، المذيعة السابقة المؤيدة لترامب، رسالة قالت فيها إن "أموال المنح الفيدرالية لم تعد تحقق أولويات الوكالة"، فيما كتب هاريسون فيلدز، مسؤول الإعلام بالبيت الأبيض، عبارة "وداعًا" بـ20 لغة على منصة "إكس"، في سخرية واضحة من تعدد لغات إذاعة "صوت أمريكا".

إغلاق النوافذ أمام العالم

أمام هذا المشهد، يرى مراقبون أن الولايات المتحدة، بقيادة ترامب، تقدم على سحب واحدة من أدواتها الاستراتيجية الأكثر تأثيرًا، في وقت تشهد فيه الساحة الدولية منافسة محتدمة على الخطاب الإعلامي والتأثير الثقافي.

ويبدو أن انسحاب واشنطن الطوعي من ساحة الإعلام الدولي، ومنح الفرصة لخصومها في روسيا والصين وإيران، لن يكون مجرد أزمة إدارية داخلية، بل قد يترك أثرًا طويل الأمد على صورة أمريكا في الخارج، ويزيد من تعقيد جهودها في استعادة نفوذها الناعم في مناطق نفوذها التقليدية

تم نسخ الرابط