ما حكم الحلف على المصحف كذبًا وهل تجب الكفارة؟.. دار الإفتاء توضح

أصبح الحلف على المصحف من الممارسات الشائعة في بعض المجتمعات، حيث يلجأ البعض إلى هذا الفعل لإثبات صدق أقوالهم. ومع ذلك، يثير هذا الأمر تساؤلات حول حكم الحلف على المصحف كذبًا، خاصة في ظل تأكيد العديد من الأشخاص على صحت أقوالهم بهذه الطريقة.
في هذا السياق، أصدرت دار الإفتاء بيانًا توضح فيه حكم الحلف كذبًا على المصحف، مشيرة إلى أن هذا الفعل يعد من الكبائر في الإسلام ويترتب عليه إثم كبير. كما ناقشت دار الإفتاء الفرق بين اليمين الغموس وأنواع اليمين الأخرى، وما يجب على المسلم فعله في حال ارتكاب هذا الذنب.
حكم الحلف على المصحف كذبًا
أوضحت دار الإفتاء أن الحلف على المصحف كذبًا يُعد من الكبائر في الإسلام. حيث يعتبر هذا الفعل انتهاكًا لحرمة كلام الله، كما أن الكذب بشكل عام يعد من المحرمات الشديدة في الشريعة الإسلامية. هذا النوع من اليمين يعرف بـ “اليمين الغموس”، وهي اليمين التي يُحلف فيها الشخص كذبًا بهدف الإضرار بالآخرين أو لتحقيق منفعة غير مشروعة.
وأشارت دار الإفتاء إلى أن اليمين الغموس لا تحتاج إلى كفارة، إذ هي أكبر من أن تكفر. وقد استندت في ذلك إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي ذكر فيه: “الكبائر: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وقتل النفس، واليمين الغموس” (رواه البخاري). ويُطلق على اليمين الغموس هذا الاسم لأنها “تغمس صاحبها في الإثم والنار”، ما يعكس عظم إثمها في الإسلام.
آراء الفقهاء حول كفارة اليمين الغموس
تختلف آراء الفقهاء حول وجوب الكفارة في اليمين الغموس. فقد ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والحنابلة إلى أن اليمين الغموس لا كفارة لها، وذلك لأن الكذب فيها يُعدُّ من أكبر الذنوب التي لا يمكن تكفيرها بالكفارة. وقد قال الإمام الزيلعي الحنفي: “اليمين الغموس لا كفارة فيها لأنها كبيرة محضة.”
وفي المقابل، يرى الشافعية والظاهرية وجوب الكفارة على اليمين الغموس، استنادًا إلى قوله تعالى: “فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ…” [المائدة: 89]. وبناءً على هذا، يرى البعض أن الكفارة يجب أن تؤدى في حال الحلف كذبًا، مهما كانت العواقب.
كيفية التوبة من الحلف كذبًا
من أجل التوبة من الحلف كذبًا، أكدت دار الإفتاء على أهمية التوبة النصوح. التوبة النصوح تتضمن:
1. الندم على فعل الذنب: الاعتراف بالذنب والندم عليه.
2. الإقلاع عن الذنب: التوقف عن الحلف كذبًا نهائيًا.
3. العزم على عدم العودة إلى الذنب: اتخاذ قرار بعدم العودة إلى هذا الفعل مرة أخرى.
كما نصحت دار الإفتاء بالإكثار من الاستغفار والعمل الصالح لتعويض الذنب، مثل أداء الصلوات وإخراج الصدقات. وفي حال تعلق الأمر بيمين غموس، أكدت دار الإفتاء على وجوب كفارة اليمين إن كانت ضرورية وفقًا للرأي الذي يوجب الكفارة