عاجل

وسط جدل بشأن اللقاح

وزير الصحة الأمريكي يطلق "أكبر تحقيق علمي" لتحديد سبب التوحد

وزير الصحة والخدمات
وزير الصحة والخدمات الإنسانية الأمريكي، روبرت كينيدي جونيور

أعلن وزير الصحة والخدمات الإنسانية الأمريكي، روبرت كينيدي الابن، عن إطلاق مشروع بحثي ضخم تشارك فيه مئات من الكوادر العلمية في محاولة لتحديد السبب الدقيق وراء اضطراب طيف التوحد، على أن تُستكمل النتائج الأولية بحلول سبتمبر المقبل، في خطوة وصفها مراقبون بأنها "محفوفة بالجدل"، نظراً للهوية المثيرة للجدل للوزير نفسه.

وبحسب وكالة “أسوشيتد برس”، يأتي هذا الإعلان خلال اجتماع وزاري مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حيث عرض كينيدي تفاصيل مبادرته، في وقت أشار فيه ترامب إلى "وجود شيء غير طبيعي" يقف خلف تصاعد معدلات الإصابة بالتوحد، ملمحاً مجدداً إلى احتمال وجود علاقة بين اللقاحات الروتينية للأطفال وبين هذا الاضطراب، رغم دحض المجتمع العلمي لهذه الفرضية مراراً.

ولم يكشف كينيدي، عن تفاصيل المنهجية العلمية التي ستُتبع في البحث، ولا عن هوية العلماء أو المؤسسات البحثية المشاركة، لكن ما أثار الانقسام والقلق هو تعيينه ديفيد جير -المعروف بآرائه المثيرة حول العلاقة بين التوحد واللقاحات- لقيادة جهود البحث، رغم أن ولاية ماريلاند سبق أن اتهمته بممارسة الطب دون ترخيص على أحد الأطفال.

وفي تعليقها على المبادرة، أكدت كريستين روث، المتحدثة باسم جمعية التوحد الأمريكية، أن منظمتها -إحدى أبرز الكيانات المعنية بالتوحد في البلاد- لم تتم استشارتها أو إشراكها في المناقشات المتعلقة بهذا الجهد البحثي. وأشارت إلى وجود "قلق عميق من العودة إلى نظريات قديمة تم دحضها علمياً".

أبحاث التوحد 

من جهتها، تُواصل المعاهد الوطنية للصحة تمويل أبحاث التوحد بما يفوق 300 مليون دولار سنوياً، وتركز دراساتها على عوامل محتملة مثل العوامل الجينية، والتعرض البيئي للمبيدات، وتلوث الهواء، والولادة المبكرة، أو انخفاض وزن المواليد.

ويعود جزء كبير من ارتفاع معدلات تشخيص التوحد خلال العقود الأخيرة إلى توسيع معايير التشخيص الطبي وزيادة الوعي المجتمعي، إضافة إلى تحسُّن الخدمات الصحية واكتمال التغطية لدى مجموعات كانت مهمشة سابقاً مثل الأسر السوداء واللاتينية.

ويُعد اضطراب طيف التوحد حالة نمائية معقّدة تظهر في السنوات الأولى من عمر الطفل، وتؤثر على التواصل والسلوك والقدرة على التفاعل الاجتماعي. وتُظهر دراسات عديدة، خاصة تلك التي تناولت التوائم، أن العوامل الوراثية تلعب دوراً محورياً في الإصابة به، بينما لم تُثبت حتى الآن علاقة مباشرة بين أي لقاح وبين الإصابة بالتوحد.

ورغم إجماع المجتمع الطبي العالمي على عدم وجود صلة علمية بين اللقاحات والتوحد، إلا أن تحركات كينيدي -ومن ورائه إدارة ترامب- تثير قلقاً متنامياً في الأوساط العلمية، خاصةً مع إعادة تدوير نظريات قد تهدد ثقة الرأي العام في برامج التطعيم، والتي تُعد من أعمدة الصحة العامة في الولايات المتحدة.

ويظل التساؤل مطروحاً، هل ستنجح مبادرة كينيدي في تقديم نتائج علمية موثوقة، أم أنها ستكون ورقة سياسية جديدة تُغذّي الجدل القديم وتُعيد خلط أوراق العلم والإيديولوجيا؟

تم نسخ الرابط