بين ضغوط الطاقة واستقرار الأساسيات: قراءة في مفارقة التضخم بمصر مارس 2025

سجل معدل التضخم العام في مصر خلال شهر مارس 2025 ارتفاعًا ليصل إلى 13.6% مقارنة بـ12.8% في فبراير، وفقًا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء. في المقابل، أعلن البنك المركزي المصري عن تراجع معدل التضخم الأساسي إلى 9.4% مقابل 10% في الشهر السابق، ما يعكس مفارقة اقتصادية تطرح تساؤلات حول طبيعة الفجوة بين المؤشرين، وتأثيرها على الواقع المعيشي للمواطنين.
وفي هذا السياق، قال الدكتور أحمد محمد إمام، الخبير الاقتصادي، في تصريحات خاصة لـ"نيوز روم"، إن "التضخم العام يشمل جميع السلع والخدمات، بما فيها السلع الأكثر تقلبًا كالطاقة والغذاء، لذا فهو يتأثر مباشرة بأي تغييرات خارجية أو محلية لحظية، على عكس التضخم الأساسي الذي يستبعد تلك العناصر ليعكس التوجه العام للأسعار على المدى الطويل".
وأضاف: "الارتفاع في التضخم العام يرجع بشكل رئيسي إلى ارتفاع أسعار البترول العالمية، وضعف الجنيه أمام الدولار، وزيادة أسعار الطاقة في السوق المحلي، وهو ما أدى إلى موجة غلاء واسعة طالت معظم الفئات. في المقابل، يعكس تراجع التضخم الأساسي نجاح السياسة النقدية في تثبيت أسعار السلع غير المتقلبة نسبيًا واستقرار بعض القطاعات الإنتاجية".
فروق جوهرية بين المؤشرين
التضخم الأساسي: يستبعد السلع شديدة التقلب كالطاقة والغذاء، ويعد مؤشرًا أكثر دقة لقياس التحركات السعرية طويلة الأجل.
التضخم العام: يشمل جميع السلع والخدمات، ويعكس الحالة الفعلية للأسعار في السوق، ما يجعله أكثر ارتباطًا بالحياة اليومية للمواطنين.
أسباب رئيسية لارتفاع التضخم في مارس 2025:
1. النفط والطاقة:
زيادات في الأسعار عالميًا نتيجة الطلب والتوترات الجيوسياسية.
تطبيق زيادات محلية ضمن خطة ترشيد الدعم.
2. سعر الصرف:
انخفاض قيمة الجنيه مقابل الدولار، ما رفع تكلفة الاستيراد.
3. سلاسل التوريد:
استمرار تعطل الإمدادات عالميًا أدى إلى ارتفاع أسعار السلع المستوردة.
تداعيات هذا الارتفاع:
زيادة أسعار الغذاء والوقود، مما أرهق ميزانيات الأسر.
انخفاض القوة الشرائية وارتفاع معدلات الفقر.
تضرر القطاع الصناعي بسبب زيادة تكاليف الإنتاج.
زيادة التحديات أمام صانع القرار في إدارة السياسات النقدية والمالية.
ماذا عن أسعار الوقود مستقبلًا؟
فيما يتعلق بمستقبل أسعار الوقود، أوضح د. أحمد إمام أن "زيادات الأسعار قادمة لا محالة بموجب الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، لكنها لن تكون بنفس الوتيرة المتوقعة سابقًا، وذلك بسبب انخفاض سعر البرميل عالميًا إلى ما بين 58 و64 دولارًا مقابل تسعير سابق اعتمد على 78 دولارًا للبرميل".
وتابع: "أتوقع ألا تتجاوز الزيادة في أسعار الوقود بمصر حاجز 20% حتى نهاية العام، بشرط استقرار سعر صرف الدولار. أما في حال استمرار خروج الأموال الساخنة وتراجع الجنيه، فإن الوضع قد يصبح أكثر تعقيدًا، خاصة في ظل حالة عدم اليقين بسبب السياسات الأمريكية والردود الدولية عليها".
واختتم إمام تصريحه قائلاً:
"المشهد الحالي يتطلب إعادة تقييم أدوات الحماية الاجتماعية، وتسريع الجهود نحو تعزيز الإنتاج المحلي وتقليل الاعتماد على الواردات، مع التوسع في مصادر الطاقة البديلة. لم يعد ذلك خيارًا اقتصاديًا، بل أصبح ضرورة وطنية ملحة