عودة الكتب المحظورة إلى أرفف المكتبات السورية.. فصل جديد بعد سقوط الأسد

لم يودِ السقوط المفاجئ لبشار الأسد ونظامه للإفراج عن المعتقلين أو عودة النازحين فحسب، بل كان بمثابة متنفسا أيضا لسوق الكتب، التي كانت خاضعة لسيطرة مشددة في السابق.
فعلى مدى عقود من الزمان، عمل المؤلفون والناشرون السوريون في ظل نظام قمعي للرقابة، حيث كان على كل كتاب أن يمر عبر طبقات متعددة من التدقيق الحكومي، من المحتوى السياسي إلى الموضوعات الدينية.
ووفقا لتقرير صحيفة الجارديان البريطانية، فقد شهدت المكتبات السورية عودة الكتب المحظورة، مما يشير إلى عصر جديد من الحرية الفكرية.
تاريخ من الرقابة الصارمة
في ظل نظام الأسد، كان لابد من موافقة الهيئات الحكومية على أي كتاب ــ سواء كان سياسياً أو دينياً أو حتى أدبياً. وكانت الكتب تمر عبر وزارات مختلفة: فكان المحتوى السياسي يذهب إلى وزارة الإعلام، والكتب الدينية إلى وزارة الشؤون الدينية، والأدب إلى اتحاد الكتاب العرب.
وأكد تقرير " الجارديان" أن كل وزارة كانت بمثابة "واجهة" لأجهزة الأمن السورية، مكلفة بضمان عدم وصول أي مادة إلى الجمهور ما لم تلتزم بالأجندة الإيديولوجية للنظام.
وفي هذا السياق، قال وحيد تاجا، موظف في دار النشر المرموقة في دمشق (دار الفكر) إن العواقب كانت وخيمة لمن ينشر أي شيء دون موافقة النظام.
وتابع تاجا، في حديثه للصحيفة البريطانية قائلاً: "كنا نتعرض لمداهمات منتظمة"، مسلطاً الضوء على خطر العقوبة الروتينية لكل من الناشرين والمؤلفين.
"كانت نزوات النظام غير المتوقعة تعني في كثير من الأحيان حظر الكتب بانتظام، وإغلاق مجموعات كاملة في المخازن".. يروي تاجا كيف نما عدد الكتب المحظورة في مستودعاته على مدار حياته المهنية التي استمرت 25 عامًا، حيث كان كل يوم يجلب أوامر جديدة من الرقابة.
لحظة تحرير لمكتبات سوريا
مع سقوط بشار الأسد المفاجئ، بدأ ظل الرقابة الذي خيم على سوريا لفترة طويلة يتبدد، فكان عودة العناوين المحظورة سابقًا إلى مكتبات دمشق بمثابة عمل رمزي للتحرر الفكري.
وأشار تقرير "الجارديان" إلي أن الكتب التي كانت تعتبر في السابق "خطيرة" أو "هدامة" ــ أعمال منتقدي النظام مثل أدهم شرقاوي، وبرهان غليون، وباتريك سيل ــ أصبحت الآن معروضة في المكتبات، ومتاحة للجمهور بحرية.
حتى الكتب التي كانت موجودة في "منطقة رمادية" مظلمة ــ تلك التي لم تكن محظورة ولا معتمدة ولكنها مخزنة بعيداً عن الأنظار ــ أصبحت الآن متاحة على الرفوف. ومن بين هذه الكتب أعمال خالد خليفة، المؤلف السوري المعروف بانتقاداته الضمنية لنظام الأسد.
وأوضح التقرير أنه من بين الكتب البارزة التي ظلت دوماً على الرفوف السورية، على الرغم من أوجه التشابه الواضحة بينها وبين تكتيكات نظام الأسد الشمولية، رواية جورج أورويل "1984".
عصر جديد من الحرية في دمشق
بعيدًا عن أرفف المكتبات، بدأت جوانب أخرى من الحياة في دمشق تعكس هذا الشعور الجديد بالحرية، حيث يشكو سائقو سيارات الأجرة في العاصمة من زيادة حركة المرور الناجمة عن عودة النازحين السوريين، الذين ظل العديد منهم في المنفى لأكثر من عقد من الزمان.