عاجل

علي جمعة: ظاهرة المتكلمين في الدين عبر الإنترنت ليست جديد «فيديو»

الدكتور علي جمعة
الدكتور علي جمعة

أجاب الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء ومفتي مصر الأسبق، عن سؤال يتعلق بظاهرة انتشار المتكلمين في الدين عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مشيرًا إلى العوامل التي أدت إلى هذا الاتجاه، وتأثيره في الفكر الديني في المجتمع.

المعطيات التاريخية للظاهرة

قال الدكتور علي جمعة، في مداخلة له عبر بودكاست "مع نور الدين" المذاع على قناة الناس، إن ظاهرة المتكلمين في الدين عبر الإنترنت ليست جديدة، بل هي نتيجة لتطورات تاريخية قديمة تعود إلى فترة الاحتلال الإنجليزي لمصر في بداية القرن العشرين، مشيرًا إلى أن العلماء في تلك الفترة كانوا يواجهون العديد من التحديات الفكرية، من أبرزها التهديدات التي واجهت العالم الإسلامي بسبب الاستعمار، وهو ما دفع العلماء مثل جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده إلى التفكير في كيفية معالجة هذه القضايا على نحو سريع وفعال.

وأوضح أن التحديات السياسية والاقتصادية التي فرضها الاحتلال كانت تتطلب حلولًا بديلة، مما دفع الناس إلى النظر في مسائل خارج الإطار العلمي الشرعي التقليدي، فقد كانت القضية الأساسية في تلك الفترة هي التخلص من الاحتلال، ولم تكن هناك إشارة واضحة إلى تطوير النظام الديني بشكل متوازن مع الحاجة إلى العلم الشرعي التقليدي.

أثره في الفكر الديني

تطرق الدكتور علي جمعة إلى مؤتمر الخلافة الذي عُقد في مصر عام 1925، والذي كان يهدف إلى إحياء الخلافة بعد انهيار الدولة العثمانية، موضحًا أن المؤتمر رغم أهميته التاريخية، لم يركز على القضايا المصيرية التي كانت تواجه الأمة في ذلك الوقت، مثل تفكك الدولة العثمانية أو اتفاقية سايكس بيكو التي أثرت في تشكيل النظام السياسي للدول العربية، بل كان التركيز على إعادة الخلافة الإسلامية، مما أدى إلى غياب الاهتمام الكافي بالقضايا العلمية والفكرية الأساسية.

وأشار إلى أن التدخلات الأجنبية في تلك الفترة ساهمت في إعاقة أي محاولات حقيقية لإعادة ترتيب أولويات الأمة الإسلامية، مما أسهم في إنتاج حالة من الفوضى الفكرية، هذه الفوضى أسهمت في ظهور أفكار غير علمية قد لا تكون متوافقة مع المنهجية الأزهرية المتعمقة التي كانت قائمة على التحصيل الدقيق.

تأثير الفكر الديني

وأضاف عضو هيئة كبار العلماء، أن هذا المعهد كان يهدف إلى تدريب الدعاة على مقاومة الاحتلال، ولكنه استقطب أيضًا أشخاصًا لم يتلقوا تعليماً شرعيًا أكاديميًا، وهو ما ساهم في تشكيل أجيال من المتصدرين للعلم بدون أن يكون لديهم الأسس العلمية الكافية، قائلاً: «هذه الطريقة السريعة في تدريس الدعاة أثرت في الفكر الديني وجعلتهم يروجون لأفكار قد تكون بعيدة عن منهجية الأزهر».

الآثار السلبية لفكر غير علمي

أوضح الدكتور علي جمعة أن هذه الفجوة بين التعليم الأزهري الأكاديمي والفكر الديني السريع الذي انتشر في تلك الفترة ساهمت في ظهور أفكار غير علمية، مضيفًا أن أحد أبرز الأمثلة على ذلك هو محمد أبو زيد، الذي ألّف كتابًا بعنوان "العرفان في تفسير القرآن"، والذي تضمن أفكارًا متناقضة مع المفاهيم الشرعية الأساسية مثل إنكار المعجزات والميراث، إذ إن هذا الكتاب كان له تأثير سلبي على الفكر الديني، وتم سحبه من الأسواق بعد أن تعرض كاتبه للعديد من القضايا القانونية بسبب أفكاره الغريبة.

خطر تزايد المتكلمين

في ختام حديثه، شدد الدكتور علي جمعة على أن الانتشار الواسع للمتكلمين في الدين عبر وسائل التواصل الاجتماعي يمثل تحديًا كبيرًا للمجتمع. وقال إن الكثير من هؤلاء المتصدرين لا يتبعون المنهج العلمي الأزهري الدقيق، مما يساهم في إرباك الوعي الديني ويؤدي إلى نشر أفكار مغلوطة يمكن أن تضر بالفكر الإسلامي السليم.

ودعا عضو هيئة كبار العلماء ومفتي مصر الأسبق، إلى ضرورة وجود رقابة علمية وتنظيم أفضل للمحتوى الديني على الإنترنت، لضمان الحفاظ على صحة الفتاوى والأحكام الدينية في العصر الحديث.

تم نسخ الرابط