عاجل

أسطورة بحرية منذ 106 سنوات.. منطقة المكس حيث الحب والفن في تاريخ الإسكندرية

المكس في الإسكندرية
المكس في الإسكندرية

في غرب عروس البحر المتوسط، وتحديدًا على أطراف الطريق المؤدي إلى العجمي، تقع واحدة من أجمل المناطق الساحرة التي تختزن في طياتها عبق التاريخ وروح البحر، إنها منطقة المكس، أو كما يلقبها البعض بـ"فينيسيا الشرق"، في إشارة إلى مدينة البندقية الإيطالية الشهيرة، مع اختلاف الإمكانيات وطبيعة الحياة.

قرية الصيادين.. الحياة على ضفاف البحر

المكس، ليست فقط منطقة ساحلية، بل هي مجتمع متكامل قائم على الصيد والبحر، وتشتهر بقرية صغيرة تُعرف باسم "قرية الصيادين"، يسكنها أبناء المهنة الذين توارثوا حرفتهم جيلًا بعد جيل، يعملون في صيد الأسماك باستخدام قوارب صغيرة تقف مصطفة على الشاطئ كأنها تروي قصص البحر.

منطقة المكس
منطقة المكس

 وتمتد المنازل، في هذه المنطقة على مسافة كيلومتر ونصف، في نسق معماري بدائي يأخذ شكل المدرج، بحيث ترى كل بيت يطل مباشرة على البحر بلا فواصل، مما يمنح المكان سحرًا بصريًا نادرًا.

فينسيا الشرق .. المكس في الإسكندرية 
فينسيا الشرق .. المكس في الإسكندرية 

وتبدأ الحياة في المكس مع أول ضوء للفجر، حيث ينطلق الصيادون في مراكبهم، يعودون قبيل الظهيرة محمّلين بما جاد به البحر، تُباع الأسماك في السوق المحلي، ثم يجتمع الصيادون لتناول الغداء على قواربهم وسط مشهد تعبق فيه رائحة اليود وروح الألفة.

رائحة اليود.. علاج طبيعي للمزاج

وتشير دراسات عديدة، إلى أن استنشاق رائحة اليود الناتجة من التقاء المياه المالحة بالعذبة يُحسن من الحالة النفسية والمزاجية للإنسان ويذهب بعض الأطباء النفسيين لوصف زيارة المكس في ساعات الشروق كوسيلة علاجية طبيعية لمرضى الاكتئاب.

صيادون المكس
صيادون المكس

"زفير".. أسطورة بحرية منذ 106 سنة

وفي قلب هذه اللوحة البحرية، نجد مطعم "زفير" كجزء لا يتجزأ من هوية المكس، الذي  تأسس عام 1918 على يد المهندس اليوناني "ديمتري"، أبن الخواجة "كوستا كومباناس"، وما زال حتى اليوم يحتفظ بطابعه الفريد كمكان تتقاطع فيه نكهات البحر مع ذاكرة الزمن.

 

وبعد سنوات من الإغلاق، أعاد محمد الشرقاوي افتتاحه عام 1999، محافظًا على الطابع المعماري والتاريخي للمكان، ليصبح من جديد واحدًا من أبرز معالم الإسكندرية السياحية والمطاعم البحرية.

"تامر الطباخ".. راوٍ لذاكرة المكان

ويقول تامر الطباخ، أحد أبناء المكس وأحد أوائل من وثقوا لتاريخها عبر أفلام قصيرة وحكايات حية: "المكس مش مجرد منطقة... دي محمية طبيعية ربنا خلقها، والاسم نفسه معناه "مورا ماكس" أو الصخور الغاطسة، وده اللي بيميز طبيعة البحر هنا. 

 

"تامر" ليس فقط شاهدًا على تحولات المكان، بل صانع أفلام تسجيلية توثق تراث المكس، من اللوكاندا الحمراء والصفراء، إلى "زفير" الذي يصفه قائلًا "زفير كان وما زال منأى ومقصد لكل اللي بيحبوا السمك على أصوله، ومحمد الشرقاوي اللي أعاد افتتاحه سنة 1999  قدر يحافظ على روح المطعم القديمة، بل ويمجدها، حافظ على الهوية المعمارية والديكورات، وخلّى الناس تشوف المكس بعين تانية".

اللوكاندا الحمراء 
اللوكاندا الحمراء 

"حمادة النورس".. ذاكرة الطهي في المكس

ويُعد الشيف "حمادة النورس" أحد أعمدة زفير، الذي يقول: "اتولدت في المكس، ده مكان اتخلق فيه الحب، اتكونت فيه قصص الزواج والعشق ومش قادر أعيش خارج المكس بقالي 25 سنة هنا".

زوار زفير.. من الملوك إلى العلماء

ويضيف بفخر: "مر على زفير أسماء لامعة تركت بصمتها في سجل زواره، من الملك فاروق إلى كوكب الشرق أم كلثوم، وعبد الحليم حافظ، ووصولًا إلى العالم أحمد زويل".

حمادة النورس
حمادة النورس

ويختتم "حمادة النورس"، حديثه بابتسامة واسعة: المكس ليست فقط منطقة، بل تجربة إنسانية وبصرية ومذاقية لا تتكرر، و"زفير" هو القلب النابض فيها، حيث تتلاقى الذكريات مع نكهة البحر، ويتحول المكان إلى رواية مفتوحة الصفحات يكتبها الزمن كل يوم.

تم نسخ الرابط