أعضاء اللجنة الاستشارية الاقتصادية بالحكومة يكشفون مقترحاتهم لمواجهة الغلاء

تشهد الأسواق موجة جديدة من ارتفاع أسعار السلع، مدفوعة بتقلبات اقتصادية عالمية وقرارات تجارية مؤثرة، أبرزها الرسوم الجمركية التي فرضتها الولايات المتحدة مؤخرًا.
وتوقع عدد من الخبراء وأعضاء اللجنة الاستشارية الاقتصادية بمجلس الوزراء أثناء حديثهم لـ "نيوز رووم"، استمرار موجة الغلاء خلال الفترة المقبلة، ما دفع الحكومة لاتخاذ حزمة من الإجراءات الهادفة إلى تخفيف الأعباء عن المواطنين ومواجهة تداعيات الأزمة الاقتصادية.
وقال الدكتور محمد فؤاد، الخبير الاقتصادي وعضو اللجنة الاستشارية الاقتصادية التابعة لمجلس الوزراء، إن اللجنة قدمت خلال الفترة الماضية عددًا من المقترحات لمعالجة الأزمات التي يواجهها الاقتصاد المصري، في ظل التطورات المتسارعة التي يشهدها العالم.
وأضاف الخبير في تصريحات لـ "نيوز رووم"، أن اللجنة من المقرر أن تعقد اجتماعًا خلال الأسبوع المقبل مع الحكومة، لبحث آخر المستجدات على الساحة الدولية وتأثيرها المحتمل على الوضع الاقتصادي المحلي، موضحا أن مصر تُعد جزءًا لا يتجزأ من المنظومة الاقتصادية العالمية وتعتمد عليها بشكل كبير، مؤكدًا أن أي اضطراب في الاقتصاد الدولي ينعكس بشكل مباشر وبقوة على الداخل المصري.
وأشار فؤاد، إلى أنه في حال استمرار الإدارة الأمريكية في المضي قدمًا في خططها الخاصة بالرسوم الجمركية، فإن هناك احتمالًا كبيرًا لارتفاع الأسعار على المستوى العالمي، مما سيؤثر على مصر حتمًا.
وأوضح أن الدولة المصرية ستحاول امتصاص هذه الصدمات عبر تخفيف الأعباء عن الفئات الأكثر احتياجًا، خاصة من يقعون تحت خط الفقر المدقع، لكنه أكد في الوقت ذاته أنه من غير الممكن أن تتمكن الحكومة من دعم كافة المواطنين بنفس الدرجة.
وأكد فؤاد أن المشكلة الاقتصادية في مصر ذات طابع هيكلي، وتحتاج إلى مسار اقتصادي واضح وثابت، يجب أن يُنفذ بغض النظر عما يحدث من تقلبات خارجية أو داخلية، موضحا أن هذا المسار يجب أن يشمل إعادة هيكلة شاملة للاقتصاد الكلي، من خلال المضي قدمًا في تخارج الدولة من بعض القطاعات الاقتصادية، وتوسيع دور القطاع الخاص، وهو أمر ما زال يسير بوتيرة بطيئة رغم الحديث المتكرر عنه.
وأوضح الخبير أن هذا التخارج من شأنه أن يسهم في رفع معدلات التشغيل وزيادة الحصيلة الضريبية، ما سينعكس إيجابًا على تقليص عجز الموازنة والحد من الاقتراض، مشددا على ضرورة أن تكون السياسات الحمائية أكثر انضباطًا، عبر توجيهها للفئات المتضررة تحديدًا، وهو ما يتطلب بيانات دقيقة عن مستويات الفقر، خاصة أن تقرير الدخل والإنفاق لم يصدر منذ سنوات، ما يعوق جهود الاستهداف الفعال.
وأوضح الخبير أن مصر، مثل أي دولة في العالم، ستظل عرضة للصدمات الخارجية، لكن حجم تأثرها يكون أكبر بكثير نتيجة خلل هيكلها الاقتصادي، الذي وصفه بأنه "أشبه بالطائرة الورقية" التي تتأثر سريعًا بأي رياح تهب من الخارج.
وأكد فؤاد ضرورة التدخل عبر آليات مباشرة وموجهة بفعالية، من خلال توسيع مظلة برامج الدعم النقدي، وتعزيز برامج مثل "تكافل وكرامة" عبر زيادة مخصصاتها وربطها بمعدلات التضخم لحماية القوة الشرائية للمستفيدين.
ودعا الخبير إلى الاعتماد على التحويلات الرقمية لتقليل معدلات التسرب وتحسين الكفاءة في توزيع الدعم، إلى جانب تطوير منظومة التموين عبر استخدام أدوات الاستهداف الجغرافي والديموغرافي، مشيرا إلى أهمية توجيه الدعم للسلع الأساسية مثل الخبز والزيت والسكر، مع فرض رقابة صارمة على الأسعار لضمان وصول الدعم لمستحقيه الفعليين.
من جانبه قال حسن هيكل، الأمين العام لجمعية "مواطنون ضد الغلاء"، إنه لابد على الحكومة التحرك لمواجهة آثار التضخم المتوقع خلال الفترة المقبلة، في ظل التطورات الدولية وانخفاض قيمة الجنيه أمام الدولار، مؤكدًا أن المواطن البسيط أصبح في "مهب الريح" وبحاجة إلى تدخل عاجل لحمايته، خاصة في المناطق الأكثر فقرًا واحتياجًا.
وأضاف هيكل في تصريحات لـ "نيوز رووم"، أن الجمعية تعتزم تقديم مجموعة من المقترحات إلى مجلس الوزراء ووزارة التموين الأسبوع المقبل، في مقدمتها تطوير المجمعات الاستهلاكية من حيث تنويع وتحديث المعروضات، وتوفير سلع مختارة بأسعار مناسبة مباشرة من المنتج إلى المستهلك، دون وسطاء.
وأوضح أن الجمعية تدعو إلى دعم "أسواق اليوم الواحد" وزيادة انتشارها في المناطق الشعبية والفقيرة بجميع المحافظات، مع استغلال الساحات الشعبية لإقامتها بشكل منتظم.
وتابع أن الجمعية تقترح إنشاء كيان تعاوني موحد يضم المجمعات الاستهلاكية، ومنافذ "مشروع جمعيتي"، ومنافذ وزارتي الزراعة والدفاع، بالإضافة إلى منافذ "ضد الغلاء".
وتهدف الفكرة إلى إنشاء سلسلة إمداد موحدة تتيح الشراء المجمع لكل السلع، مما يساعد في تقليل الأسعار ومكافحة الاستغلال، عبر القضاء على الوسطاء وتجار الجملة.
وأوضح هيكل أن من بين المقترحات تحويل الجمعيات الزراعية في القرى إلى ما يشبه "بورصة سلعية" رقمية، من خلال تطبيق على الهاتف المحمول، يربط بين المنتجين من الفلاحين والمستهلكين والتجار، ويتيح لهم عرض الكميات والأسعار مباشرة دون المرور على حلقات الوساطة التجارية.
وأكد هيكل أن هذه المنصة ستضمن الشفافية ووصول السلع للمستهلكين بأسعار عادلة، مشيرا إلى إلى أهمية إتاحة قاعدة بيانات دقيقة وكاملة للسلع الاستراتيجية، تشمل المخازن والموزعين على حد سواء، بما يمنع تكرار الأزمات مثل أزمة السكر أو الأرز.
وأكمل الأمين العام لجمعية "مواطنون ضد الغلاء"، أن الجمعية دعت في مقترحها إلى تخصيص ركن دائم لوزارة التموين داخل كل سلاسل التوزيع والهايبر ماركت، لعرض السلع التموينية بسعر التكلفة أو بأسعار مدعومة، تحت اسم "ركن وزارة التموين"، بما يضمن وصول السلع الأساسية بأسعار مناسبة إلى أكبر شريحة ممكنة من المواطنين.
وشدد هيكل على أن هذه المقترحات، التي سيتم رفعها رسميًا خلال الأسبوع المقبل، من شأنها أن تساهم في ضبط أسعار السلع الأساسية والتصدي لموجة الغلاء المتوقعة، مشيرا إلى وجود مقترحات إضافية يتم حاليًا إعدادها لتقديمها لاحقًا إلى وزير التموين ورئيس مجلس الوزراء.