دار الإفتاء : الإسلام حث على الضيافة الراقية والمعاملة الحسنة للضيف (فيديو)

في زمن تتزايد فيه حركة السياحة العالمية، وتتعاظم فيه أهمية الصورة التي يعكسها أبناء الدول أمام زوارهم، جاءت كلمات الشيخ حسن اليداك، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، لتُسلط الضوء على البعد الأخلاقي والديني لاستقبال السياح في المجتمعات الإسلامية، مؤكدًا أن الإسلام يحث على الضيافة الراقية والمعاملة الحسنة للضيف، أيًّا كانت ديانته أو جنسيته.
وجاءت هذه التصريحات خلال حلقة من برنامج "فتاوى الناس" على شاشة قناة الناس، حاورت فيها الإعلامية زينب سعد الدين الشيخ اليداك حول واجب المسلمين في حسن معاملة السائحين وأدب الضيافة في الإسلام.
الضيافة في التعاليم النبوية
استهل الشيخ اليداك حديثه بالتأكيد على أن السائح عندما يزور أي دولة، فهو يبحث عن حسن الاستقبال، والكرم، والراحة النفسية، مشيرًا إلى أن واجب المضيف – سواء كان فردًا أو مؤسسة – هو أن يُشعر الضيف بالتقدير والاحترام، قائلاً: "السائح يرغب في إقامة مريحة، ووسائل نقل لائقة، وطُرق ممهدة تسهّل عليه رحلته، وهذا كله جزء من واجبنا كمسلمين."
وأوضح أن هذا المفهوم متجذر في السُنة النبوية، حيث أوصى النبي محمد ﷺ بحسن استقبال الضيف، بل ورفع من مكانة الضيافة إلى درجة تُعبر عن الإيمان ذاته، مستشهدًا بحديثه الشريف: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه."
واجب ديني وحضاري
وفي جانب آخر من حديثه، شدد أمين الفتوى على أن المظهر الخارجي للمسلم عند استقباله للضيف، له أهمية خاصة في الشريعة، قائلاً: "النبي صلى الله عليه وسلم علمنا أن الضيافة لا تقتصر على الطعام والشراب فقط، بل تشمل كذلك المظهر اللائق والنظافة الشخصية."، إذ أن المضيف ينبغي أن يكون في هيئة مرتبة، بملابس نظيفة، وسلوك راقٍ، تعبيرًا عن احترامه لضيوفه ولذاته.
وأشار إلى أن إعداد وسائل النقل للسائح بشكل محترم، سواء كانت سيارة أو باصًا أو قطارًا، يعكس مدى التقدير الذي نكنه له، وهو من قبيل تقديم الأفضل للزائر حتى يشعر أنه في موطن يحترمه ويقدّره.
أدب الحديث: جوهر المعاملة
تطرق الشيخ اليداك كذلك إلى الجانب اللفظي في التعامل مع السائحين، مؤكدًا أن الكلمات الطيبة والأسلوب المهذب لا يقلّان أهمية عن المظهر أو وسائل الراحة. وقال: "ينبغي على المسلم أن يتحلى بحسن الخلق، فلا يصدر منه كلام جارح، ولا يتنمر على أحد، ويجب أن يكون صوته معتدلًا حتى يُفهم كلامه دون ضيق أو انزعاج."
وأوضح أن الإسلام يُعلي من شأن الكلمة الطيبة، وأن حسن الحديث مع الغرباء، لا سيما السياح، يعكس صورة حقيقية عن أخلاق الإسلام وتعاليمه السمحة، مشيرًا إلى أن المسلم سفير لدينه وبلده، وتصرفاته تُعبّر عنه وعن مجتمعه.

دعوة إلى تجديد الثقافة
في ختام حديثه، دعا أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية إلى ترسيخ ثقافة الضيافة الراشدة والمتزنة في المجتمعات الإسلامية، لا باعتبارها مجاملة اجتماعية فحسب، بل واجبًا شرعيًا وأخلاقيًا. وقال إن السائح الذي يُحسن استقباله قد يعود إلى بلاده ناقلًا صورة مشرقة عن الإسلام وأهله، وهو ما يُسهم في تعزيز التقارب الثقافي، وتفنيد الصورة النمطية المغلوطة عن المسلمين.
وركزعلى أن كل فرد في المجتمع مسؤول عن تقديم صورة إيجابية لوطنه ودينه، بدءًا من مظهره وحديثه، وانتهاءً بتصرفاته وتعاملاته اليومية، مشددًا على أن الضيافة ليست مجرد سلوك مرحلي، بل قيمة أخلاقية راسخة في صميم العقيدة الإسلامية.