باب السر.. بوابة الخشوع والروحانية بمسجد الإمام علي زين العابدين بالقاهرة
في قلب القاهرة العتيقة، يبرز مسجد الإمام زيد بن علي زين العابدين واحدا من أبرز معالمه التاريخية والدينية، وهو "باب السر"، الذي يحمل قيمة روحية وتراثية كبيرة ويجذب الزائرين الباحثين عن الأجواء الروحانية العميقة.
برغم احتواء المسجد على قبتين لمقامي الإمام علي زين العابدين وابنه زيد إلا أن الإمام زين العابدين علي ابن الحسين لم يدفن في الضريح، حيث جاء إلي مصر بصحبة عمته السيدة زينب عقب استشهاد أبيه الإمام الحسين ، وعاش لمدة عامين فقط في مصر ثم ذهب للمدينة المنورة وتوفي ودفن بجوار عمه الحسن في البقيع عام ٩٥ هجرية، ولكن المدفون بالضريح رأس "زيد" بن علي زين العابدين، والذي قتل على يد "هشام بن عبدالملك بن مروان" وأرسلت رأسه لتعلق على جامع عمرو بن العاص، ولكن المصريين أخذوا الرأس وقاموا بدفنه في موقعه الحالي, وعرف عن زيد العابدين بن الحسين ورعه وتقواه فسمي بهذا الاسم لكثرة عبادته وأطلق عليه لقب السجاد لكثرة سجوده, وقال أهل العلم عن المسجد : فيه رأس الولد وبركة الوالد".
باب السر وكرامات الإمام زين العابدين
من محتويات مسجد علي زين العابدين باب السر، وهو حجر من البازلت الأسود يقع بجوار المقام، وارتبط هذا الحجر بالعديد من الروايات الشعبية الموروثة فذهب البعض منها لاعتباره بابا سريا استخدمه الإمام زين العابدين واختفى خلفه، وأن بصمات أصابعه لا تزال واضحة على الحجر، بينما ذهبت رواية أخرى إلى أنه جزء من الكعبة المشرفة تم جلبه لمصر إبان الحكم العثماني تقديرا لدور العمال المصريين في إعادة بناء الكعبة، بعدما هدمتها السيول وتسببت في انهيار أجزاء كبيرة منها فتم وضعه في المسجد تشريفا له، وفي رواية ثالثة أن الحجر جزء متبقٍ من بناء قديم مندثر وهو باب بمقبض حديدي محاط بحلق من الجرانيت.
جدير بالذكر، أنه تم تطوير المسجد وترميمه أكثر من مرة آخرها بعد تعرضه لحريق في عام ٢٠١٧ وتم افتتاحه في عام ٢٠١٨ عقب الانتهاء من ترميم المقصورة النحاسية بالضريح وتنظيفها، وكذلك ترميم المقصورة الخشبية الداخلية وزيادة استيعاب المسجد للمصلين وتطوير المنطقة المحيطة به.
الجانب التاريخي والمعماري
يتميز باب السر بزخارفه الإسلامية الأصيلة التي تعكس فن العمارة الإسلامية في القاهرة، ويعد نموذجا للجمع بين الجمال الفني والوظيفة العملية, و حرص القائمون على الدولة عبر العصور على الحفاظ على رونق الباب وتفاصيله الدقيقة، ليظل شاهدا حيا على التراث الديني والمعماري في مصر.
الروحانية والتواصل مع الزائر
يشهد باب السر خلال المناسبات الدينية وعلى مدار العام إقبالا كبيرا من المصلين والزوار، حيث يمثل نقطة بداية التجربة الروحانية داخل المسجد. ويحرص الزائرون على المرور من الباب بتواضع وخشوع، معتبرين أن المرور من هذا المدخل يحمل معاني القرب من الله والارتقاء بالروح.
نشاطات المسجد المحيطة بالباب
يستغل الباب في تنظيم الطقوس والفعاليات الدينية، خصوصا في ذكرى مولد الإمام علي زين العابدين، حيث يتم استقبال الزوار والمصلين، وتقام جلسات علمية ومحاضرات توعوية، إضافة إلى تلاوة الأدعية من الصحيفة السجادية، ما يمنح المكان أجواء روحانية مميزة تتفاعل مع التاريخ المعماري للمسجد.
يبقى باب السر بمسجد الإمام علي زين العابدين بالقاهرة رمزا يجمع بين العمارة الإسلامية الأصيلة والروحانية المتجددة، ويشكل جزءًا لا يتجزأ من تجربة الزائر الباحث عن التأمل والتقرب إلى الله ,هذا الباب ليس مجرد مدخل، بل هو تجربة حسية وروحية، تنقل كل من يعبره إلى أجواء من الخشوع والتأمل في إرث أهل البيت عليهم السلام.



