إيني الإيطالية تضخ استثمارات كبرى في مصر وليبيا والجزائر

كشفت شركة "إيني" الإيطالية للطاقة عن خطط استثمارية ضخمة في منطقة شمال أفريقيا، تتضمن ضخ أكثر من 8 مليارات يورو في كل من مصر وليبيا، إلى جانب 8 مليارات يورو في الجزائر، خلال السنوات الأربع المقبلة، وفقاً لتصريحات الرئيس التنفيذي للشركة، كلاوديو ديسكالزي، خلال فعالية موك المنعقد في إيطاليا.
وتعكس هذه الخطوة الاستراتيجية رغبة "إيني" في تعزيز وجودها في المنطقة، وسط تحول كبير في خريطة الطاقة العالمية، وتزايد أهمية الغاز الطبيعي كمصدر طاقة رئيسي لأوروبا.
مصر.. عودة قوية لحقل "ظهر"
في مصر، تأتي هذه الاستثمارات بالتزامن مع استعداد "إيني" لاستئناف ضخ الغاز من حقل "ظُهر" بقدرة تصل إلى 220 مليون قدم مكعب يومياً، بدءاً من الشهر المقبل، بعد تأجيل تنفيذ الخطوة في ديسمبر الماضي بسبب سوء الأحوال الجوية في البحر وتأخر عمليات الحفر، بحسب مصدر حكومي تحدث لـ"الشرق" حينها.
وفي خطوة موازية، تواصل مصر مفاوضاتها مع "إيني" لإنشاء وحدة جديدة لاستقبال شحنات الغاز الطبيعي المسال المستورد، تهدف إلى تعزيز أمن الطاقة وتفادي أزمة نقص الكهرباء التي عانت منها البلاد خلال الصيف الماضي. وتشير الخطط إلى أن الوحدة الجديدة ستُقام بالقرب من منشأة دمياط لتصدير الغاز، وتُدار من خلال شراكة بين "إيني" و"إيجاس" المصرية.
مليار دولار لسداد المستحقات.. و"إيني" أكبر المستفيدين
وفي بادرة تهدف إلى طمأنة شركاء الاستثمار، سددت مصر مليار دولار من مستحقات شركات الطاقة الأجنبية المتأخرة، ذهب نحو 40% من هذا المبلغ إلى "إيني"، مما يعكس حجم التعاون الكبير بين الشركة الإيطالية والقاهرة. وتعهدت الحكومة المصرية بالالتزام بسداد جميع المستحقات في مواعيدها، في ظل بلوغ إجمالي المديونيات نحو 5.5 مليار دولار.
ليبيا.. انطلاقة جديدة في حوض غدامس
أما في ليبيا، فقد بدأت "إيني" خلال أكتوبر الماضي عمليات الحفر الاستكشافي في البئر "أ1–96/3" الواقعة في المنطقة (ب) بحوض غدامس، بالتعاون مع بريتش بتروليوم وشركة الاستثمارات الليبية. وتُشرف شركة "مليته للنفط والغاز" على تنفيذ المشروع بالكامل.
تأتي هذه الخطوة في وقت تعمل فيه "إيني" على توسيع رقعة أنشطتها في ليبيا، مستفيدة من استقرار نسبي في الأوضاع الأمنية والسياسية، ما يعزز فرص النمو في واحد من أكبر أسواق النفط والغاز في المنطقة.
الجزائر.. شراكات واسعة وطموحات ضخمة
وفي الجزائر، التي تحظى باهتمام متزايد من شركات الطاقة العالمية، تعكف "إيني" على تنفيذ استثمارات جديدة، ضمن خطة البلاد لزيادة إنتاج الغاز الأولي إلى 160 مليار متر مكعب سنوياً بحلول 2060، بحسب ما صرح به رشيد حشيشي، المدير العام لشركة "سوناطراك"، وفقاً لـ"الشرق".
وقد أبرمت "سوناطراك" بالفعل اتفاقيات مع شركات عالمية كبرى، مثل توتال، إكسون موبيل، شيفرون، سينوبك الصينية، إضافة إلى شركات سعودية وسويدية، فيما تسير المفاوضات مع "إكسون" و"شيفرون" نحو توقيع عقود تطوير الحقول خلال 2025.
كما أكد عمر ركاش، المدير العام للوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار، أن بلاده تشهد عودة قوية للثقة في مناخ الاستثمار، مشيراً إلى أن التعهدات الاستثمارية الأوروبية بلغت 2.5 مليار دولار حتى الآن، مع توقعات بمزيد من التدفقات في الفترة المقبلة.
خريطة جديدة للطاقة في شمال أفريقيا
تعكس تحركات "إيني" الأخيرة تحولاً استراتيجياً كبيراً في توجهات شركات الطاقة الأوروبية نحو شمال أفريقيا، في ظل سعيها لتأمين إمدادات الطاقة بعيداً عن مصادرها التقليدية في ظل أزمات الإمداد الجيوسياسية المستمرة.
ومن المتوقع أن تُسهم هذه الاستثمارات في دعم اقتصادات المنطقة، وتعزيز التعاون مع أوروبا في مجالات الطاقة، خصوصاً الغاز الطبيعي، الذي يشكل عنصراً محورياً في مزيج الطاقة المستقبلي.