عاجل

توبيخ ترامب لنتنياهو بسبب اغتيال رائد سعد.. حقيقة أم خدعة؟

ترامب ونتنياهو
ترامب ونتنياهو

قالت الدكتورة مونيكا وليم، الباحثة في العلاقات الدولية، إن مقاربة مسألة توبيخ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لرئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على خلفية اغتيال القيادي في حركة حماس رائد سعد، لا يمكن فصلها عن المسار الزمني لتطور العلاقات الأمريكية الإسرائيلية منذ تولي ترامب ولايته الثانية وحتى أكتوبر 2025.

وأوضحت الدكتورة مونيكا وليم في تصريح خاص لموقع نيوز روومن أن العلاقة بين الطرفين، منذ اندلاع الحرب، اتسمت بتباينات على مستوى الخطاب السياسي والإعلامي، لا على مستوى الجوهر، حيث حرصت واشنطن على إظهار مسافة شكلية عن بعض الممارسات الإسرائيلية، في الوقت الذي استمرت فيه بتوفير الغطاء الاستراتيجي والعسكري الكامل. 

ترامب ونتنياهو
ترامب ونتنياهو

وأضافت وليم أنه بعد توقيع اتفاق وقف إطلاق النار، بدا أن العلاقة دخلت “منحنى مختلفًا” من حيث التصريحات، من دون أن ينعكس ذلك على القواعد الحاكمة للسلوك الإسرائيلي.

وأشارت إلى أن اغتيال رائد سعد جاء عشية لقاء نتنياهو مع ترامب، وترافق مع تسريبات تحدثت عن استياء أمريكي من توقيت العملية، غير أن لغة التوبيخ المتداولة تشبه الصياغات التقليدية التي تعتمدها واشنطن عقب الهجمات الكبرى، مثل التعبير عن القلق أو التحفظ أو عدم الارتياح، من دون اللجوء إلى أدوات ضغط ملموسة، وهو ما يعزز فرضية أن ما جرى يندرج ضمن إدارة سياسية للصورة العامة أكثر منه خلافًا حقيقيًا حول جوهر السياسات.

الدكتورة مونيكا وليم، الباحثة في العلاقات الدولية
الدكتورة مونيكا وليم، الباحثة في العلاقات الدولية

رسائل إسرائيلية حول اغتيال رائد سعد

وأوضحت الباحثة أن عملية اغتيال رائد سعد حملت رسائل إسرائيلية متعددة الاتجاهات، أولها التأكيد على أن حرية العمل العسكري في قطاع غزة ستبقى قائمة رغم وقف إطلاق النار، وبالمنطق نفسه المعتمد في إدارة الوضع في لبنان. 

أما الرسالة الثانية فكانت موجهة مباشرة إلى حركة حماس، ومفادها أن إسرائيل لا تقبل بوجود الحركة كفاعل عسكري أو سياسي في أي صيغة مستقبلية.

بينما الرسالة الثالثة والأهم، كانت موجهة إلى واشنطن، ومضمونها أن إسرائيل لن تتنازل عن أولوية نزع السلاح، ولن تقبل بأي مسار سياسي لا يضع هذا الهدف في صدارته.

وتابعت الدكتورة مونيكا وليم  أن اغتيال رائد سعد، الذي كان يعد الرجل الثاني في قيادة حماس ورئيس العمليات في جناحها العسكري، يُمثل نجاحًا تكتيكيًا واضحًا لإسرائيل، لكنه لا يغير موازين القوى الاستراتيجية. 

القيادي بحماس رائد سعد
القيادي بحماس رائد سعد

وأشارت إلى أنه رغم دوره المحوري، بما في ذلك مشاركته في التخطيط لهجوم السابع من أكتوبر وارتباطه بملف إنتاج السلاح، فإن التجربة تؤكد قدرة حماس على تعويض خسائرها القيادية في ظل غياب بديل سياسي.

وفي المقابل، رأت الباحثة أن هذا التقييم، رغم تقاطعه مع تفاصيل الاغتيال، يكشف في الوقت نفسه المأزق الإسرائيلي الأعمق، والمتمثل في الاعتماد شبه الحصري على المقاربة العسكرية. 

وأوضحت أن إسرائيل تواصل سياسة الاغتيالات والضربات الميدانية، في حين تتجنب اتخاذ قرارات سياسية حاسمة تتعلق بمستقبل قطاع غزة، بل إن منع ظهور بديل فلسطيني فعلي يسمح لحماس ، بالحفاظ على حضورها خلال فترة وقف إطلاق النار، وتقديم نفسها دوليًا كطرف منضبط، وإعادة بناء صفوفها بهدوء.

وخلصت وليم إلى أن توبيخ ترامب، في حال صح، لا يتجاوز كونه رسالة شكلية تهدف إلى ضبط الإيقاع والتوقيت، وليس إلى تغيير السلوك الإسرائيلي، موضحة أن اغتيال رائد سعد لم يكن تحديًا مباشرًا للولايات المتحدة، بقدر ما كان إعادة تأكيد إسرائيلية لثوابتها قبيل اللقاء الثنائي المرتقب بين ترامب ونتنياهو في ديسمبر 2025. 

ترامب ونتنياهو
ترامب ونتنياهو

وأكملت أنه في الوقت الذي تحقق فيه إسرائيل مكاسب تكتيكية، يتعمق مأزقها الاستراتيجي المتمثل في امتلاك قوة عسكرية من دون أفق سياسي.

وأشارت الباحثة إلى أن الإدارة الأمريكية تعتمد سياسة موازنة دقيقة بين مسارين متوازيين، يتمثل الأول في تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار ومنع انهياره، بينما يقوم الثاني على السماح لإسرائيل بتنفيذ ضربات محدودة، طالما بقيت ضمن نطاق لا يؤدي إلى تفكك الاتفاق أو إلى إحراج واشنطن دوليًا. 

واعتبرت أن هذا الهامش العملياتي لا يعكس تناقضًا في السياسة الأمريكية ، بل يشكل جزءًا من آلية إدارة الصراع، حيث تُستخدم الضربات كأداة ضغط محسوبة، لا كمدخل لتوسيع الحرب.

وأضافت وليم أن الدعم الشخصي الذي يقدمه الرئيس ترامب لبنيامين نتنياهو لا يزال عاملًا مؤثرًا في ضبط نبرة أي خلاف معلن بين الطرفين. 

وأكدت الدكتورة مونيكا وليم، الباحثة في العلاقات الدولية أنه حتى في الحالات التي تبدي فيها واشنطن انزعاجًا أو تحفظًا، فإن ذلك لا يرقى إلى مستوى القطيعة أو فرض كلفة سياسية حقيقية على إسرائيل، بل يعكس رغبة أمريكية في حماية نتنياهو سياسيًا، مع الحفاظ في الوقت نفسه على صورة الولايات المتحدة كوسيط قادر على ضبط الإيقاع ومنع الانفجار الشامل.

تم نسخ الرابط