مساجد تاريخية | مسجد السيد يوسف بالأقصر ..إرث ديني وتاريخي على نهر النيل
يعد مسجد «السيد يوسف» واحدا من المعالم الدينية والتاريخية البارزة في مدينة الأقصر، ويتميز بموقعه الفريد المطل على نهر النيل، وهو المسجد الوحيد في المنطقة الذي أنشئ خصيصا ليطل على مجرى النهر الخالد.
تاريخ إنشاء المسجد يعود إلى عام 1934 ميلادي، الموافق 1333 هجري، بعد وفاة السيد يوسف، حيث تجمهر أهالي الأقصر تقديرا لمكانته وحبا له، وأقاموا مقامًا في المكان الذي دفن فيه، وتبرعوا بأرض لبناء مسجد باسمه.
الاحتفالات الرسمية الدينية
ويشهد المسجد على مدى تقدير الأهالي للشيخ يوسف، حيث تقام فيه معظم الاحتفالات الرسمية الدينية، وخاصة احتفالية «ليلة القدر» و«النصف من شعبان»، رغم أن بعض السنوات شهدت تناوب الاحتفالات بين مسجد «السيد يوسف» ومسجد «سيدي أحمد النجم».
حياة السيد يوسف العلمية والدينية
ولد السيد يوسف عام 1842 ميلادي، الموافق 1258 هجري، واهتم منذ صغره بقراءة القرآن وحفظه، والتعمق في علوم التفاسير والشريعة الإسلامية,وفي عام 1862، توجه إلى القاهرة طلبًا للعلم في الأزهر الشريف، حيث أبدى اهتماما بالعلوم الحسابية والمواقيت، وكان من الطلاب المتميزين لدى مشايخ الأزهر، ومن أبرزهم الشيخ محمد الأشموني، والشيخ إبراهيم السقا، والشيخ إبراهيم الباجوري، الذي ترك أثرا كبيرًا في تكوينه العلمي.
إجازة في العلوم الشرعية على مذهب الإمام الشافعي
حصل السيد يوسف على إجازة في العلوم الشرعية على مذهب الإمام الشافعي رضي الله عنه، واستمرت فترة دراسته بالأزهر حوالي عشرة أعوام قبل أن يعود إلى الأقصر، حيث واصل طلب العلم وتعلم على يد الشيخ أحمد بن شرقاوي، الذي أذن له بالإرشاد وكتب له إجازة تُعرف باسم «الإجازة أحمدية لحضرة يوسفيه»، بمشاركة صديقه الشيخ أحمد الطاهر الحامدي.
إلى جانب اهتمامه بالعلم، كان السيد يوسف ناشطًا في مجال التجارة، تحديدًا تجارة المنسوجات. وقد رافق شيخه وصديقه في رحلات علمية ودينية عديدة، بما فيها رحلتهما الكبرى من القاهرة إلى أسوان، والتي ذكرها المؤرخ محمد بن حامد المراغي الجرجاوي، وزار خلالها مقامات الشيخ أحمد الفرغلي بمدينة أبو تيج، والعارف بالله عبد الرحيم القنائي في محافظة قنا، وأدى فريضة الحج مرتين برفقتهما.
مكانة السيد يوسف في الأقصر وإسهاماته
عرف عن السيد يوسف غزارته العلمية وكثرة كتاباته وأدعيته ومقولاته التي حفظها تلاميذه، وما زالت معروفة ويتداولها الأهالي حتى اليوم. كما ساهم بشكل بارز في تحديد مواقيت الصلاة في صعيد مصر، ما جعله مرجعًا دينيًا للمجتمع المحلي، الذي كان يلجأ إليه في أموره الدينية والدنيوية.
توفي السيد يوسف عام 1934 ميلادي عن عمر يناهز 72 عامًا، في المكان الذي كان يتخذه مقرًا له بمحيط الكرنك، تاركًا وراءه ثلاثة أبناء هم الشيخ محمد أبو الحجاج، والشيخ السيد الحسيني، والشيخ أحمد النجم. وقد ورد ذكره في عدد من الكتب والمراجع التي تناولت حياة شيخه الشيخ أحمد بن شرقاوي، ومنها كتاب «الإمام القدوة أحمد بن شرقاوي الخلفي» لمحمد عبده الحجاجي، حيث وصفه الشيخ أحمد بن شرقاوي بأنه: «قوي العزم في الجد والابتهال، حميد السيرة، جميل الطوية والسريرة، رطب اللسان بذكر الله».



