عاجل

لا تؤيد عودة الأسد ولا تعترف بالشرع وتزعم استقلاليتها عن إيران

«أولي البأس».. جماعة مسلّحة غامضة تقاتل إسرائيل وتركيا وتستفز واشنطن

جماعة «أولي البأس»
جماعة «أولي البأس» (أرشيفية)

بعد سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد في ديسمبر الماضي بيد تحالف معارض تقوده «هيئة تحرير الشام» المدعومة من أنقرة، وتولي أحمد الشرع السلطة، بدأت تظهر توازنات جديدة في سوريا، وسط فراغ سياسي وأمني غير مسبوق.

وفي هذا السياق، برزت جماعة مسلّحة جديدة تُدعى «أولي البأس»، معلنة نفسها طرفًا فاعلًا في «محور المقاومة» ومعادية في الوقت نفسه للولايات المتحدة وإسرائيل وتركيا.

أولي البأس.. خطاب ديني متشدد

تصف الجماعة نفسها رسميًا بأنها «جبهة المقاومة الإسلامية في سوريا - أولي البأس»، وتتبنّى خطابًا دينيًا قوميًّا، موجهًا ضد ما تسميه «محور الشر العالمي» الذي يضم واشنطن وتل أبيب وأنقرة. لكنها في الوقت نفسه، تؤكد استقلاليتها عن أي طرف إقليمي، بما في ذلك إيران، رغم اعتمادها على رموز وشعارات مستوحاة من الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني، كراية الكلاشنيكوف المرفوع.

وقالت الجماعة في تصريحات لمجلة نيوزويك الأمريكية إنها «حركة ثورية وطنية مستقلة، ذات بعد قومي عربي، غير منتمية لأي تنظيم داخل سوريا»، مشددة على أن مشروعها يتمثل في «بناء دولة قوية تدعم الحرية والمواطنة والصمود على الأرض».

فراغ الأسد وفرص التوسع

ظهرت «أولي البأس» في يناير الماضي، بعد أسابيع من انهيار نظام الأسد، الذي فرّ إلى روسيا عقب سقوط دمشق في يد فصائل المعارضة المسلحة. في أول بيان لها، أعلنت الجماعة نيتها شن عمليات ضد القوات الإسرائيلية التي توسّعت جنوبًا في الجولان السوري، فيما اعتُبر أول تحرك إسرائيلي ميداني خارج خطوط وقف إطلاق النار منذ عام 1973.

وفي 11 يناير، أعادت الجماعة تعريف نفسها باسم «أولي البأس»، بعدما ظهرت بداية تحت اسم «جبهة التحرير الجنوبية»، وأعلنت أنها تمثّل «شريحة من الشعب السوري تسعى لتحرير الجنوب من الاحتلال الإسرائيلي».

Israel, tank, crosses, into, Syria, buffer, zone

تمويل غامض

رغم الشبه الكبير بين خطاب «أولي البأس» وشعارات محور المقاومة، إلا أن الجماعة تنفي أي صلة تنظيمية بإيران أو «حزب الله»، وتقول إنها ليست امتدادًا لأي تنظيم داخل سوريا، ولا تؤيد عودة الأسد إلى الحكم، كما لا تعترف بشرعية خلفه، أحمد الشرع، زعيم «هيئة تحرير الشام» السابق.

وتثير هذه المواقف تساؤلات عدة حول طبيعة الجماعة، ومدى استقلاليتها الفعلية، خاصة في ظل تبنيها خطابًا شبيهًا بذلك المستخدم في طهران وبيروت وبغداد.

مواجهة إسرائيل واستفزاز واشنطن

أعلنت «أولي البأس» مسؤوليتها عن اشتباكات وقعت مؤخرًا مع القوات الإسرائيلية في محافظة درعا، فيما أكد مسؤول عسكري إسرائيلي حصول «عدة حوادث تكتيكية لكنها مثيرة للاهتمام» في المنطقة الجنوبية.

وردًا على ذلك، واصلت إسرائيل تنفيذ ضربات جوية على مواقع عسكرية داخل سوريا، مستهدفة قواعد ومستودعات قالت إنها تُستخدم لتخزين أسلحة إيرانية الصنع.

وفيما لا تزال الولايات المتحدة تحتفظ بنحو 2000 جندي في سوريا، حذرت وزارة الخارجية الأمريكية من السماح لأي جماعات «إرهابية» بالتمدد، مؤكدة دعمها لحكومة مدنية شاملة تحترم حقوق السوريين وتمنع استخدام أراضي البلاد كنقطة انطلاق لعمليات ضد دول الجوار.

لحظة إقليمية مشتعلة

يتزامن ظهور «أولي البأس» مع تصاعد التوتر الإقليمي، خصوصًا مع الحرب الدائرة في غزة، وعمليات الحوثيين في البحر الأحمر، والتوتر المستمر بين طهران وواشنطن. وتقول الجماعة إن إيران «تُستهدف بسبب استقلال قرارها ورفضها للهيمنة الأمريكية»، معتبرة أن ما يجري في سوريا جزء من معركة أوسع «بين قوى التحرر وقوى الاستعمار الحديث».

في ظل هذا المشهد المتشابك، تبقى «أولي البأس» أحد أبرز اللاعبين الجدد في سوريا ما بعد الأسد، لكن هويتها الحقيقية، وحجمها الفعلي، ومدى قدرتها على التأثير في مستقبل البلاد، تبقى كلها أسئلة مفتوحة.

تم نسخ الرابط