عاجل

نجلاء مرعي تكشف تحركات الإخوان في السودان للحفاظ على نفوذها السياسي والعسكري

الدكتورة نجلاء مرعي
الدكتورة نجلاء مرعي

قالت الدكتورة نجلاء مرعي أستاذة العلوم السياسية جامعة القاهرة والمتخصصة في الشأن الإفريقي، إن التطورات الأخيرة في السودان، لا سيما بعد السيطرة على مدينة الفاشر، تمثل نقطة تحوّل محورية في مسار الصراع، مؤكدة أن هذه السيطرة لا تعني نهاية الحرب بقدر ما تعكس انتقالها إلى مرحلة أكثر تعقيدًا وتركيبًا، حيث بات الصراع متعدد الأطراف ويتجاوز حدود السيطرة العسكرية على المدن إلى تنازع الهويات وبنية السلطة داخل الدولة السودانية.

وأوضحت مرعي، في تصريحات خاصة لـ«نيوز رووم»، أن المشهد السياسي والميداني في السودان دخل مرحلة جديدة منذ إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إدراج الحركة الإسلامية في السودان ضمن قوائم التنظيمات الإرهابية، وهو القرار الذي أثار موجة واسعة من التساؤلات حول انعكاساته على الوضع الداخلي، سواء على مستوى التوازنات السياسية أو سير العمليات العسكرية.

وأضافت أستاذة العلوم السياسية، أن تصريحات الفريق عبد الفتاح البرهان، التي نفى فيها سيطرة جماعة الإخوان المسلمين على الجيش السوداني، فجّرت حالة من الجدل السياسي والإعلامي، قابلتها ردود متصاعدة من قيادات محسوبة على التيار الإسلامي، وصولًا إلى تصريحات علنية لقيادات سابقة، أكدت أن الحركة الإسلامية تلعب دورًا رئيسيًا في إدارة الحرب، وأن نسبة كبيرة من المقاتلين إلى جانب الجيش تنتمي إليها، وهو ما كشف عن حالة ارتباك وتناقض داخل المعسكر الداعم للمؤسسة العسكرية.

وترى الدكتورة نجلاء مرعي أن تصنيف الحركة الإسلامية كتنظيم إرهابي في هذا التوقيت من شأنه تعقيد الأزمة وإطالة أمد الحرب، لافتة إلى أن الحركة موجودة بالفعل على الأرض وتشارك، بشكل مباشر أو غير مباشر، في القتال إلى جانب الجيش، وأن هذا التصنيف قد يدفعها إلى مزيد من التصعيد باعتبارها مستهدفة من المجتمع الدولي، ما يفتح الباب أمام توتر متزايد بين الحكومة السودانية والفاعلين الدوليين، ويعرقل فرص الوصول إلى تسوية سياسية.

وأكدت المتخصصة في الشأن الإفريقي، أن قيادة الحركة الإسلامية لن تستسلم بسهولة لهذا المسار، وستسعى للحفاظ على نفوذها السياسي والعسكري، مشيرة إلى أن أي توجه نحو السلام لن يكون ممكنًا من جانبها إلا في حال توافر ضمانات حقيقية من القيادة السودانية والمجتمع الدولي بعدم ملاحقة قياداتها أو المساس بمصالحها مستقبلًا.

وشددت مرعي على أن المخرج الوحيد للأزمة السودانية يتمثل في إطلاق حوار وطني شامل لا يستثني أي طرف، وهو ما سبق أن دعا إليه الرئيس السيسي، مؤكدة أن الحل يجب أن يكون «سودانيًا–سودانيًا» بعيدًا عن منطق الإقصاء أو التصعيد، خاصة في ظل هذا التوقيت الحرج.

وأشارت إلى وجود توجهات داخل بعض الدوائر الغربية ترى أن تصنيف الحركة الإسلامية جاء متأخرًا، معتبرة أن جزءًا كبيرًا من العنف وعدم الاستقرار في السودان يرتبط بدورها، وهو ما انعكس في نقاشات داخل البرلمان الأوروبي، حيث جرى التحذير من نفوذ إخواني منظم داخل مؤسسات الدولة، بما في ذلك الجيش والأجهزة الأمنية، الأمر الذي يهدد فرص استقرار السودان ويعزز من تمدد الأيديولوجيات المتشددة، بما يتعارض مع المصالح الأوروبية في المنطقة.

وأضافت أن اعتماد الجيش السوداني على بعض الكتائب ذات الخلفية الإسلامية، مثل كتيبة البراء بن مالك، التي نفت تصريحات البرهان وأكدت حضورها القوي في العمليات العسكرية، يعكس حجم التشابك بين المؤسسة العسكرية وهذه الجماعات، لافتة إلى أن الدعم الخارجي، بما في ذلك دعم إقليمي غير مباشر، ساهم في تحقيق بعض المكاسب الميدانية، لكنه في الوقت ذاته يفتح الباب أمام تحالفات إقليمية ودولية معقدة قد تهدد مصالح الغرب في السودان.

واختتمت الدكتورة نجلاء مرعي تصريحها بالتأكيد على أن الحرب في السودان لم تعد صراعًا عسكريًا تقليديًا، بل تحولت إلى صراع أيديولوجي وسياسي بامتياز، مشيرة إلى أن التصريحات المتبادلة بين قيادات الجيش والحركة الإسلامية تكشف عن أزمة حقيقية داخل التحالف القائم، وقد تكون مقدمة لتحولات أوسع في بنية هذا التحالف، خاصة في ظل الضغوط الدولية والإقليمية المتزايدة والتراجع الميداني الذي يشهده طرفا الصراع، كما أن تصريحات البرهان محاولة لإرضاء الجانب الغربي

تم نسخ الرابط