بعد التدخل العاجل لحمايته ..تعرف على تاريخ مسجد سيدي مدين الأثري
في عمق أحياء القاهرة القديمة، وتحديدًا بحي باب الشعرية، يقف مسجد سيدي مدين الأشموني شاهدًا على ذاكرة عامرة بفنون العمارة الإسلامية وروحانية التصوف التي ما تزال حاضرة في وجدان سكان المنطقة وزائريها. ويرجع تاريخ إنشاء المسجد إلى القرن التاسع الهجري، حين أُقيم ليكون مدرسة ومسجدًا وزاويةً للعلم والذكر، وفق الطراز المملوكي الذي تبرز فيه الأقواس والعقود والزخارف الدقيقة.
ويمتاز المسجد بتخطيط معماري يجسد طراز المدارس الإسلامية ذات الإيوانات الأربعة حول صحن واسع، يتصدره إيوان القبلة، وقد ظل عبر عقود طويلة مقصدًا للمصلين وطلاب العلوم الشرعية ومريدي الشيخ سيدي مدين، الذي ارتبط اسمه بالمكان ووُري جثمانه بداخله.
غير أن المكان الذي حمل جماليات التاريخ لم يسلم خلال العقود الأخيرة من تدهور بعض عناصره نتيجة ارتفاع منسوب المياه الجوفية وتغير طبيعة العمراني المحيط به، الأمر الذي تطلب تدخلاً عاجلًا لإعادة تأهيله وصون قيمته المعمارية والروحية.
وتبدأ وزارتا السياحة والآثار، والأوقاف، في تنفيذ مشروع ترميم متكامل لصون مسجد سيدي مدين الأشموني ومحيطه الأثري وعدد من العيون الأثرية بالشارع، وفقًا لخطة عمل مشتركة وتوقيتات زمنية محددة، في إطار الجهود المستمرة للحفاظ على التراث الإسلامي وصيانة المساجد التاريخية ذات القيمة الحضارية.
وقد قامت لجنة مشتركة من الوزارتين بجولة تفقدية لشارع باب البحر بحي باب الشعرية، للمراجعة الشاملة لجميع المساجد والعيون الأثرية الموجودة بالشارع. وضمت اللجنة عددًا من قيادات الوزارتين والمختصين، بهدف الوقوف على الاحتياجات العاجلة لأعمال الترميم.
وأوضحت اللجنة أن نتائج المعاينة أسفرت عن تأثر المسجد والعيون المحيطة به بارتفاع منسوب المياه الجوفية الناتجة من مياه الصرف الصحي بالشارع، وانخفاض مستوى المسجد عن مستوى الطريق، مما أدى إلى تسرب جزء من المياه إلى داخل المسجد والعيون الأثرية.
وتؤكد الجهات المختصة أن أعمال الترميم ستشمل معالجة المشكلات الإنشائية وتأمين الأساسات ووقف تسرب المياه ومعالجة مصادرها، إلى جانب تنفيذ أعمال الصيانة الزخرفية والمعمارية، بما يحافظ على الطراز المملوكي الأصيل للمسجد ويعيد إليه دوره الروحي والمعماري في قلب القاهرة التاريخية.



