هل يختلف حكم الزنا بين الأعزب والمتزوج والشيخ؟.. عبدالله رشدي يُجيب
نشر الداعية الأزهري عبدالله رشدي منشورا حول ارتكاب المعاصي والذنوب، موضحا أحكام الجريمة ومن يرتكبها وفق ما ينصه الشرع الإسلامي.
وكتب رشدي عدد من الفوارق بين العقوبة والعقوبة الأشد لمرتكبي الذنوب والمعاصي، والتي جاءت على النحو التالي:
الجريمة الواحدة تختلف درجةُ قُبحها وفقَ حال فاعلِها.
فالكذب كله حرام، لكن الكذب على رسول الله أقبح.
والحلف بالله كذبا حرام، لكن المُرَوِّجَ لسلعتِه بالحلف الكاذب أقبح.
والزنا حرام، لكنَّ الشيخَ الزانيَ أقبح.
- والزنا حرام للرجل والمرأة، لكن التي تُدخِلُ على ذريةِ زوجها من ليس منهم أقبح.
- والزنا حرام لكنه في المتزوج أشد قبحا من الأعزب.
- والمعاصي كلها حرام، لكن لا يستوي العالم مع الجاهل.
- هذا الملمَحُ يتفطنُ له المسلم من تأملِه لنصوص الشرع والبحث في حِكَمِ التشريع.
ما شروط التوبة لمن ارتكب الزنا.. وهل يجب عليه ليتوب أن يُقَام عليه حد الزنا؟
روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلا الْمُجَاهِرِينَ، وَإِنَّ مِنَ الْمُجَاهَرَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلًا، ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللهُ فَيَقُولَ: يَا فُلانُ عَمِلْتُ الْبَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللهِ عَنْهُ».
فَمن أذنب ذنبًا وستره الله فعليه ألا يفضح نفسه؛ لأن من صفاته تعالى سترَ القبيح، فإظهاره كفرٌ بهذه النعمة واستهانةٌ بستره سبحانه، وعلى صاحب الذنب أن يتوبَ إلى الله تعالى بالإقلاع عن الذنب والندم على اقترافه والعزم على عدم العودة إليه، وعليه بكثرة الاستغفار؛ فإن الله تعالى لم يكلف كل من اقترف ذنبًا فيه حدٌّ أن يسعى لإقامة الحد على نفسه، بل هو مأمور بالستر على نفسه، والحدود هذه من شأن الإمام أو ولي الأمر، ولذلك لما أصاب ماعزُ بنُ مالكٍ جاريةً لا تحل له، أمره هَزَّالٌ أن يأتي النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم، فأتاه فَأَقَرَّ عِنْدَهُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، فَأَمَرَ النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم بِرَجْمِهِ، وَقَالَ لِهَزَّالٍ: «لَوْ سَتَرْتَهُ بِثَوْبِكَ كَانَ خَيْرًا لَكَ» رواه أبو داود والنسائي.
هل كفالة ولد الزنا يؤجر عليها كافله كما يؤجر على كفالة اليتيم؟
حثَّ الإسلامُ على كفالة اليتيم والإحسانِ إليه والقيامِ بأمره ومصالحه، وجعل الرسولُ صلى الله عليه وآله وسلم كافلَ اليتيم مجاورًا لرسول الله في الجنَّة؛ فقال صلى الله عليه وآله وسلم فيما رواه مسلمٌ: «أنا وكافل اليتيم -له أو لغيره- في الجنة كهاتين»، وأشار مالكٌ بأصبعيه السبابة والوسطى. والمرادُ بقوله «له»: أن يكون اليتيمُ معروفَ النَّسبِ للكافلِ، والمرادُ بكلمةِ «لغيره»: أن يكونَ اليتيمُ مجهولَ النَّسَب للكافِل.
وبناءً عليه وفي واقعة السؤال: فإن كفالةَ ولد الزنا يؤجَرُ عليها الكافلُ كما يؤجرُ على كفالةِ اليتيم معروفَ النسب تمامًا، وأمرُهما سواءٌ.
هل تسقط كفالة اليتيم بمجرد بلوغه السن القانونية؟
هل تسقط كفالة اليتيم بمجرد بلوغه السن القانونية؟، سؤال أجاب عنه الدكتور مجدي عاشور المستشار السابق لمفتي الجمهورية من خلال برنامج دقيقة فقهية.
كفالة اليتيم
حيث سائل يقول: أعرف زوجةً مات زوجها وترك أبناء وهي ترعاهم وتقوم على شئونهم، لكنهم قد جاوزوا سن البلوغ، فهل الإنفاق عليهم، يُعدّ من كفالة اليتيم ؟
وقال «عاشور» في بيانه المسألة: قرر الفقهاء أن الكفالة هي كل ما يشمل مصلحة اليتيم، سواء كانت صغيرة أم كبيرة.
وبين: ذهب جماهير العلماء كما ذكر النووي في شرح مسلم، إلى أنَّ حكم اليُتْم لا ينقَطِع بمجرَّد البلوغ، ولا بعلوِّ السن، بل لا بُدَّ أن يظهر منه الرشد في دينه وماله، بينما ذهب الإمام أبو حنيفة إلى أن اليتيم إذا بلغ خمسًا وعشرين سنة، زال عنه اليتم وصار رشيدًا يتصرَّف في ماله، واستدل الجمهور بقوله تعالى: (وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ)[النساء: 6]،فقد أطلق اليتم على البالغين.
وتابع : لا يقتصر أجر الإنفاق على اليتيم وتربيته على يتيم الغير؛ يل يشمل بالأَوْلَى اليتيم الذي مات أبوه أو تخلَّى عنه فقامت به أمه ، لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم : " كافِلُ اليَتِيمِ له، أوْ لِغَيْرِهِ أنا وهو كَهاتَيْنِ في الجَنَّةِ وأَشارَ مالِكٌ - راوي الحديث - بالسَّبَّابَةِ والْوُسْطَى "[أخرجه مسلم].
وشدد على أن رعاية اليتيم ماليًا أو أدبيًا لا تنتهي ببلوغه وتعد من الكفالة، لأنها تستمر إلى وقت حصول رشده؛ وهو تحققه بكامل الأهلية والاستغناء عن الغير، في القيام بشئونه وصلاح حاله .
وللمرأة التي تقوم على أبنائها ب- عد موت أبيهم أو تَخَلِّيهِ عنهم - أجرُ كافل اليتيم ، بل أجرها أعظم لأنها قَدَّمت مصلحة أبنائها على مصلحة نفسها لئلا يضيعوا ، فكانت لها هذه الهدية التي قررها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، حيث قال : " أنا أول من يفتح له باب الجنة، إلا أنه تأتي امرأة تبادرني، فأقول لها: مالكِ ؟ مَن أنتِ ؟ فتقول : أنا امرأة قعدت على أيتام لي "[أخرجه أبو يعلى في مسنده] .
