عاجل

خبير استراتيجي: زيارة ماكرون تحمل أبعادًا استراتيجية تتجاوز العلاقات التقليدية

الرئيس السيسي والرئيس
الرئيس السيسي والرئيس الفرنسي

في ظل تقاطعات سياسية إقليمية ودولية معقدة، تأتي زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى القاهرة محمّلة برسائل سياسية واقتصادية واضحة، تعكس حجم التحديات والرهانات في الشرق الأوسط، خاصة في ظل التصعيد الإسرائيلي في قطاع غزة، وتنامي الدور الفرنسي في عدد من ملفات المنطقة الحساسة.

توقيت استثنائي 

وفي هذا الصدد، اعتبر محمد أبو شامة، مدير المنتدى الاستراتيجي للفكر، أن زيارة ماكرون للقاهرة تأتي في توقيت بالغ الحساسية سياسيًا واقتصاديًا، حيث تواجه المنطقة اضطرابات متسارعة، لا سيما في قطاع غزة ولبنان، فضلًا عن تداعيات الصراع الروسي الأوكراني عالميًا.

 وقال في لقائه ببرنامج "ملف اليوم" على قناة "القاهرة الإخبارية"، إن هذه الزيارة ليست بروتوكولية، بل تحمل أبعادًا استراتيجية تتجاوز العلاقات الثنائية التقليدية.

البعد الاقتصادي

في الجانب الاقتصادي، أوضح أبو شامة أن الزيارة تهدف إلى تعزيز الشراكة الاقتصادية بين مصر وفرنسا، في ظل طموح القاهرة لرفع حجم الاستثمارات الفرنسية إلى مليار يورو خلال العام الجاري.

 وتابع: «تعد فرنسا شريكًا تجاريًا مهمًا لمصر، وتسعى القاهرة لاستقطاب مزيد من رؤوس الأموال الفرنسية، خاصة في مجالات الطاقة والبنية التحتية والنقل»، مشيرًا إلى أن التعاون الاقتصادي سيكون على رأس جدول أعمال الرئيسين، في ضوء الإصلاحات الاقتصادية التي تنفذها مصر لجذب الاستثمارات الأجنبية.

البعد السياسي

سياسيًا، تأتي زيارة ماكرون بالتوازي مع انعقاد قمة ثلاثية في القاهرة تجمع مصر وفرنسا والأردن، لمناقشة تطورات الأوضاع في قطاع غزة. ووصف أبو شامة هذه القمة بأنها ذات "مفتاح إقليمي"، نظرًا لما تحمله الأزمة في غزة من انعكاسات على كامل المشهد الشرق أوسطي.

وقال: «التصعيد الإسرائيلي بات يشكل تهديدًا مباشرًا للأمن الإقليمي، ما يستدعي تحركًا دوليًا عاجلًا، وهو ما تسعى فرنسا لتعزيزه من خلال هذه الزيارة».

تحولات السياسة الفرنسية 

وفي تحليل لتوجهات باريس في المنطقة، أشار أبو شامة إلى أن السياسة الفرنسية تشهد تذبذبًا واضحًا يشبه "حركة البندول"، بين دعم تقليدي لإسرائيل منذ عام 1948، وبين محاولات متكررة للحفاظ على علاقات متوازنة مع العالم العربي.

وواصل: «ومع اندلاع أزمة "طوفان الأقصى"، اتخذت فرنسا موقفًا داعمًا لإسرائيل، غير أن هذا الموقف بدأ يتغير تدريجيًا مع توالي المجازر في غزة وتزايد التوترات مع الحكومة الإسرائيلية».

ضغط أخلاقي وإنساني 

وأكد أبو شامة أن التحول الأخير في الموقف الفرنسي ليس سياسيًا فحسب، بل مدفوع أيضًا بضغوط أخلاقية وإنسانية، خاصة مع انتشار الصور المؤلمة القادمة من غزة. 

وأشار إلى أن استمرار الدعم العسكري لإسرائيل بات محرجًا أخلاقيًا لفرنسا في الداخل والخارج، ما دفعها لتبنّي مواقف أكثر توازنًا، والدعوة لوقف إطلاق النار، وضمان إيصال المساعدات الإنسانية إلى القطاع المحاصر.

ملفات أخرى على الطاولة

ونوه أبو شامة إلى أن أجندة الزيارة تتضمن أيضًا مناقشة ملفات لبنان وسوريا، حيث تلعب فرنسا دورًا نشطًا في محاولة تثبيت الهدنة في جنوب لبنان، ودفع إسرائيل للانسحاب من بعض النقاط التي تحتلها.

 وتوقع أن تشهد المحادثات بين الجانبين المصري والفرنسي تنسيقًا أوسع في هذه القضايا، بما يعكس رغبة البلدين في لعب دور فاعل لإعادة الاستقرار إلى المنطقة.

رؤية مشتركة لعالم مضطرب

في ختام تحليله، أكد أبو شامة أن زيارة ماكرون للقاهرة تُمثل محطة مهمة في التنسيق الإقليمي والدولي، وتعكس تطورًا في المواقف الفرنسية إزاء قضايا المنطقة، لا سيما القضية الفلسطينية.

كما تعبر عن رغبة مشتركة بين القاهرة وباريس في بناء تحالفات جديدة تضمن الأمن والاستقرار في شرق أوسط مضطرب.

تم نسخ الرابط