بعد جولة السيسي وماكرون.. من هو الخليلي وهل كان السوق مقبرة؟

شهد حي خان الخليلي الأثري السياحي الشهير زيارة الرئيس السيسي وهو يصطحب نظيره الفرنسي في جولة إلى الحي الأشهر صاحب شهرة العالمية، والذي يعتبر أحد مقاصد السياحة المصرية ذات السمعة العالمية لدى الشركات السياحية.
خان الخليلي
وحي خان الخليل يعتبر من الأحياء التاريخية التي تضم العديد من الآثار، والتي تبدأ ببقايا المدرسة الصالحية، وهي مدرسة ضخمة تستطيع رؤية بوابتها الضخمة، التي لازالت قائمة وكذلك جزء كبير من جدرانها، وهي مدرسة كان قد أنشأها السلطان الصالح نجم الدين أيوب، سابع سلاطين الدولة الأيوبية، في عام 641 هجرية الموافق 1243-1244م.
وأيضًا يضم الخان بوابات رائعة تستطيع أن تشاهدها أثناء تجوالك بين محلات وبازارات الشارع وهي بوابات ترجع إلى عصر السلطان قانصوه الغوري آخر سلاطين الدولة المملوكية والتي سقطت عام 1517م على يد سليم الأول العثماني.
وبعد زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية وبصحبته نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون في جولة غير رسمية، حيث ظهر الرئيسين بدون كرافات والتقط المواطنين معهما السيلفي وكذلك تلقى الرئيسين الكثير من التحية باليد من العديد من أصحاب المحلات كما تناولا العشاء في أحد محلات الخان.

بداية الحكاية
وتساءل الكثيرون عن سر تسمية المنطقة بهذه التسمية «خان الخليلي»، ولمعرفة السبب يجب أن نعود إلى البداية، إلى لحظة تأسيس مدينة القاهرة العاصمة الرابعة لمصر الإسلامية، على يد جوهر الصقلبي قائد جيوش المعز لدين الله الفاطمي في 17 شعبان عام 358هـ 6 يونيو 969م، حيث بنى جوهرًا سورًا من 4 أضلاع، له 8 بوابات ضخمة، وكانت المساحة التي تحيط بها الأسوار هي 340 فدان، وفي تلك المساحة المغلقة بنى قصرًا ضخمًا على مساحة 70 فدان، وبجانب القصر جامعًا وهو الجامع الأزهر الشريف، ثم قسم الشوارع والحارات على الفرق التي جاءت معه، والتي كانت تكون جيشه الضخم، الذي وصل تعداده إلى 100 ألف جندي.
تسمية القاهرة
وبعد انتهاء بناء المدينة والتي كان اسمها في البداية المهدية أو المعزية، وتحديدًا في عام 362هـ وصل المعز لدين الله الفاطمي رابع خلفاء الدولة الفاطمية إلى مصر، وجاء هو وكل عائلته، لدرجة أنه نبش قبور أجداده، وحمل رفاتهم معه، كي يدفنهم في مدينته الجديدة في مصر.
وصل المعز لدين الله إلى أسوار القاهرة، وفتحت له أبوابها ورأى ضخامة أسوارها التي قال عنها المقريزي، إن الفارسين كانا يستطيعان المسير فوق السور بخيلهما، ولما شاهد المعز قصره المنيف والجامع الضخم قال: إن هذه عاصمة تقهر الأعداء، فسميت عليها القاهرة.
مقبرة الزعفران
وأنشأ المعز بجانب القصر وفي نفس المنطقة التي هي الآن خان الخليلي مقبرة ضخمة، لدفن رفات أجداده، وأطلق عليها مقبرة الزعفران، فقد كان حائط قصر الخليفة المعز لدين الله يصل من منتصف شارع المعز حاليًا، وحتى مكان جامع الحسين حاليًا، لذا أطلق عليه القصر الشرقي الكبير، وجعل مقبرة الخلفاء وهي الزعفران بجانب القصر، من ناحية جامع الحسين حاليًا.
وظلت مقبرة الزعفران مدفنًا، طوال العصر الفاطمي، وأيضًا طوال العصر الأيوبي، وأيام العصر المملوكي البحري ظلت مقبرة الزعفران قائمة حتى أيام الأمير جهاركس الخليلي.
جهاركس الخليلي
وكان الأمير جهاركس الخليلي، أميرًا في عهد السلطان المملوكي الجركسي السلطان الظاهر برقوق، وكان جهاركس يحمل لقب «أمير أخور»، أي أمير العلف وهو المسؤول عن الاسطبلات السلطانية، وهو منصب يماثل حاليًا رئيس إدارة المركبات في الجيش، وكان جهاركس مشهورًا بمقته وكرهه للفاطميين، لذا فقد دمر مقبرتهم الكبيرة الزعفران، ونبش قبورها، وانتزع الرفات منها، ونثرها على منطقة كانت تُعرف بكيمان القاهرة، التي هي حاليًا حديقة الأزهر في الدراسة.
خان الخليلي
وبعد أن هدم جهاركس الخليلي مقبرة الزعفران وفي عام 1382م، أنشأ مكانها خانًا وكلمة خان تعني سوق، وأطلق على السوق كلمة «خان الخليلي» أي سوق الخليلي، وفي عام 917هـ/1511م أزال السلطان قانصوه الغوري الخان الذي بناه جهاركس، وأنشأ مكانه محالات ومنازل، ولكن ظلت المنطقة تحمل اسم خان الخليلي، ولا زال الاسم ملاصق لها حتى الآن، وشرب جهاركس الخليلي من نفس الكأس، فقد شاء الله تعالى أن يموت في دمشق، وتترك جثته في الخلاء؛ لتلتهمها الحيوانات البرية، ولكن ظلت المنطقة التي هي كانت مقبرة في يوم من الأيام ثم صارت سوقًا تحمل اسمه عبر العصور تحت مسمى «خان الخليلي».