صناع العقول وورثة الأنبياء|الأوقاف توضح المكانة العليا للمعلم
جعلت الشريعة الإسلامية للمعلم مكانة رفيعة، فهو بعد الوالدين سبب في صناعة العقول وتربية القلوب، ونقل العلم الذي به تبنى الأمم وتنهض الحضارات ,وجمع المعلم بين شرفي الرسالة والعلم؛ إذ يكفيه فخرا أن مهنته امتداد لمهمة الأنبياء في تعليم الناس وهدايتهم، قال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ﴾.
مكانة المعلم
وأكدت “الأوقاف” خلا دورها الدعوي من خلال مبادرة صحح مفاهيمك أن السنة النبوية جاءت مؤكدة هذا المعنى؛ فالنبي صلى الله عليه وسلم يقرر أن خير الناس هم أهل التعليم، فيقول: «خيركم من تعلم القرآن وعلمه»، مما يدل على شرف التعليم ورفعة مقام المعلم، كما أن برّ المعلم واحترامه من تمام الأخلاق الإسلامية؛ لأن الإسلام أمر بتوقير أهل الفضل والعلم، فقال سبحانه: ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾، فرفع شأنهم على غيرهم.
القدوة للنشء
ويمتد مفهوم احترام المعلم في الشريعة الإسلامية إلى المسؤولية المشتركة بين الأسرة والمجتمع في غرس هذا المعنى في نفوس الأبناء؛ فالمعلم ليس فردا عاديا في منظومة المجتمع، بل هو القدوة التي تتطلع إليها أعين الناشئة، فإذا رسخ احترامه في القلوب نشأ جيل يعرف للفضلاء فضلهم، ويحفظ لأهل العلم مكانتهم. كما أن إضعاف هيبة المعلم أو التقليل من شأنه ينعكس سلبًا على العملية التعليمية كلها، ويؤدي إلى انتشار الفوضى وضياع القيم.
إكرام المعلم
ومن هنا جاءت توجيهات العلماء بضرورة إكرام المعلم ماديا ومعنويا، وتوفير البيئة الكريمة التي تمكنه من أداء رسالته، ليظل العلم محفوظا في صدور الرجال والنساء الذين يحملونه، ويبلّغونه للأجيال في إطار من الاحترام والتقدير المتبادل؛ لأن احترام المعلم في جوهره احترام للعلم ذاته، وعبادة يُثاب عليها المسلم.
ومن صور احترام المعلم في الشريعة الإسلامية أن يُذكَر بخير في غيبته، وألا يكون عُرضة للسخرية أو الانتقاص في المجالس أو على منصات التواصل، فهذه السلوكيات تهدم ما تبنيه المدارس والبيوت من قيم. كما يقتضي توقير المعلم الدعاء له بطول العمر وحسن العمل، والاستفادة من علمه في الخير، ونشر ما يتعلمه الطالب عنه مع نسبته إليه وعدم سرقة جهده الفكري أو العلمي. فإذا أدرك المجتمع أن المعلمين حَمَلة رسالة لا مجرد موظفين، حرص على صون حقوقهم، وتقديمهم في مواضع التكريم، وبذلك تتحقق مقاصد الشريعة في تعظيم شأن العلم وأهله، وتخريج أجيال محترمة واعية تبني ولا تهدم، وتشكر أصحاب الفضل ولا تجحد عطائهم.




