عاجل

محرم أم مباح.. ما حكم سماع الغناء والموسيقى للترويح عن النفس؟

حكم الغناء وسماع
حكم الغناء وسماع الموسيقى

ما حكم سماع الغناء والموسيقى للترويح عن النفس؟، سؤال أجابته الدكتورة زينب أبو الفضل أستاذ الفقه بكلية الآداب جامعة طنطا. 

حكم سماع الغناء والموسيقى للترويح عن النفس

وقالت من باب بيان الحكم الفقهي وليس الفتوى -لأن الفتوى تختلف من شخص لآخر ومن حال لحال: الطرب بالغناء، سلوك إنساني فطري، تلمحه حتى في تعابير وجوه الأطفال في مهدهم مع غنيوة الأم وهدهدتها، إلى أن تقوى أجسادهم الغضة  شيئا  قليلا، حينئذ نراهم  يعبرون بأجسادهم هذه بحركات تنبيء عن طربهم ،تجاوبا مع الكلمات المغناة.

وتابعت: بل إن  من يصغي بسمعه إلى الطبيعة، يراها كلها تشدو بالغناء وتعزف ألحانه في سيمفونيات فائقة التناغم، وقد يرتقي المستمع بحسه وذوقه، حتى يرى في بعض أصوات المغنين وألحانهم الراقية تسابيح لخالق  هذا الجمال الكوني ومبدعه، حتى ولو لم يكن مايشدو به المغني تسابيح  بالمعنى الديني، لأن استشعار الجمال والتروي منه وجدانيا  في حد ذاته تسبيح، وله أثره  الكبير في قطع السآمة والوحشة عن النفس، وشحنها بالنشاط والحركة .

ونبهت: قد فطن بعض فقهائنا الأقدمين إلى ما يحدثه الغناء  بالكلام العذب -الذي هو لون من السحر الحلال - من أثر على النفس،  من هذا المنطلق نجد الفقيه الحنفي الكبير:  الإمام السرخسي - صاحب المبسوط - يجيز استماع الغناء  لدفع  الوحشة عن النفس، وبشرط أن لايكون بقصد اللهو .

وأردفت: من فقهاء الشافعية يقول القاضي عبد الرءوف  المناوي " ولو كان في الشعر حكم أو عبر  أو مدح للنبي  لايكره بل يستحسن "

الأصل في حكم الغناء

وأوضحت: ليس من الفقه إذن تحريم الغناء قولا واحدا، والأصل  أنه مباح، إلا  إذا كان بكلمات هابطة أو خادشة للحياء، أو صحبه ما يحظر  كالرقص، وشرب الخمور أو ما شابه، ومعلوم أن عددًا كبيرًا من الفقهاء أجازوا  الغناء بضوابطه التي سبق نقلُها عن الإمام المناوي، ومنهم ابن حزم وأبو حامد الغزالي رحمهم الله جميعا.

ومن المحدَثين فقهاء كثر، ومنهم الفقيه الأصولي الشيخ حسن العطار، الذي شغل منصب شيخ الجامع الأزهر، بل وأجازه مصحوبا بآلة وترية كالعود ونحوه .

ومن الفقهاء - بل أكثرهم - من ذهب إلى تحريم الغناء متعللين بمبدأ سد الذريعة ، قالوا لما  يؤدي  إليه غالبا من الوقوع في الحرام، لكثرة مايصحبه من جلسات  ماجنة وشرب للخمور  ونحو ذلك .  
وهذا يعني أن الغناء محرم لغيره، لا لذاته، وبينهما فرق كبير يعرفه الدارسون للشريعة وعلومها.  

وهذا الخلاف يجعلني أكرر: أنه ليس من الفقه تحريم الغناء قولا واحدا، فمن المقرر عند الأصوليين أنه ما من حكم تكليفي إلا وتعتريه الأحكام التكليفية الخمسة ( واجب - مندوب - مكروه - مباح - محرم) . 

وأكدت: الأصل العام هو الإباحة، مالم يوجد دليل  يوجب أو يحرم، وكل الأدلة التي حرمت الغناء، لم يسلّم كثير من الفقهاء بها من حيث الصحة والثبوت، ورأوا فيها تعارضا مع أدلة  أخرى أقوى، ولهم فيها اجتهادات وتأويلات مقبولة ،وستظل هذه المسألة من المسائل  الخلافية التي لم ولن يحسم فيها الجدل، وكل مكلف له الخيار ، مابين الاستماع إلى الكلام الحسن المغنى بقصد الترويح عن النفس ، وبشرط  (عدم التلهي عن أداء الواجبات) ومابين الابتعاد بقصد التورع .

وأشارت إلى أنه يبقى أن التورع مقام اختياري  لايلزم به أحد، فهو محض اختيار، كما قال الشاطبي رحمه الله وغيره  من الفقهاء المحققين، الذين قرروا كذلك: أن الخروج  من الخلاف مستحب، وهذا معناه أن الخلاف في مسألة حكم سماع الغناء باق، ومن أراد  التورع، فله ذلك على أن لا يلزم غيره بما ألزم  به نفسه اختيارا، وهذا الحكم يسري على كل ألوان الغناء، بما فيه الغناء العاطفي، مادام بكلام جاد محترم، ويثير في النفس مشاعر إنسانية نبيلة وراقية.

حكم سماع المهرجانات

وشددت: ليس منه بطبيعة الحال هذه الألحان النشاز التي تملأ الساحة اليوم،  والكلمات عديمة المعنى والقيمة، ومايصحبها من صخب وحركات عنيفة، فكل هذا يدور حكمه بين الكراهة والحرمة، ولا أستريح للقول بإباحة أدنى أنواعه، لأنه على الأقل عديم الفائدة والقيمة، وماكان كذلك لايحكم بكونه  من اللهو المباح.

تم نسخ الرابط