بعد ثوران بركان إثيوبيا.. هل الانبعاثات البركانية تأثرعلى منطقة الشرق الأوسط؟
انفجار بركان إثيوبيا، شهدت إثيوبيا خلال الساعات القليلة الماضية واحدًا من أندر الأحداث البركانية في تاريخها الحديث بعد ثوران بركان هايلي غوبي، وهو بركان ظلّ خامدًا لما يُقدّر بنحو 10 آلاف عام، قبل أن ينفجر بشكل مفاجئ خلال الساعات الماضية مطلقًا أعمدة رماد ضخمة ارتفعت إلى ما بين 10 و15 كيلومترًا في الغلاف الجوي.
انفجار بركان إثيوبيا
وأوضحت السلطات الإثيوبية أن ثوران البركان تسبب في تغطية قرية أفديرا المجاورة بالرماد، ولا يوجد سجل سابق لثوران بركان هايلي جوبي.
يقع بركان هايلي غوبي داخل منخفض داناكيل شمال شرقي إثيوبيا، ويبعد حوالي 15 كيلومترًا عن بركان إرتا ألي الشهير، الذي يضم واحدة من البحيرات البركانية الدائمة على سطح الأرض ويُعتبر من أكثر البراكين نشاطًا في إفريقيا.

سحابة الرماد تعبر البحر الأحمر نحو الخليج
أظهرت خرائط تتبع حركة الغلاف الجوي أن سحابة الرماد ارتفعت لأكثر من عشرة كيلومترات، قبل أن تدفعها الرياح نحو البحر الأحمر ومنه إلى أجزاء من جنوب غرب شبه الجزيرة العربية. ووصلت تأثيرات السحابة الجوية إلى مناطق داخل اليمن وعُمان، مع احتمالات ضعيفة لتأثيرات على حركة الطيران في بعض المسارات العابرة للبحر الأحمر.
وتشير توقعات أولية إلى احتمال تشتت أجزاء من السحابة خلال الساعات المقبلة، بينما تبقى الكمية الأكبر محصورة في طبقات الجو العليا دون تأثيرات مباشرة على السكان.
لماذا يحظى هذا الثوران باهتمام عالمي؟
يحظى ثوران هايلي غوبي باهتمام علمي واسع لعدة أسباب، أبرزها أن البركان يُصنف ضمن البراكين “الخاملة الطويلة الأمد”، إذ تشير التقديرات إلى أن آخر نشاط له يعود إلى نهاية العصر الحجري الحديث تقريبًا. كما يقع في منطقة من أكثر البيئات تطرفًا على الأرض حيث تتقاطع الصفائح التكتونية الإفريقية والعربية، ما يجعل أي نشاط بركاني فيها ذا دلالة جيولوجية مهمة.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن الجوار الجغرافي للبركان مع إرتا ألي – وهو بركان لا يتوقف عن النشاط – يفتح الباب أمام دراسات جديدة حول الترابط بين الأنظمة البركانية في منخفض داناكيل، واحتمالات وجود “سلسلة نشاط” غير مرصودة سابقًا.
التأثيرات المحتملة على المناخ
يعتمد تأثير هذا الثوران على المناخ على كمية الغازات والرماد التي ارتفعت إلى الغلاف الجوي، خصوصًا ثاني أكسيد الكبريت (SO₂).
عند وصول SO₂ إلى طبقة الستراتوسفير، يتحول إلى هباءات كبريتات تعكس أشعة الشمس، ما يقلل من كمية الطاقة التي تصل إلى سطح الأرض، ويؤدي إلى انخفاض درجات الحرارة عالميًا بشكل طفيف يمتد لعدة أشهر إلى سنة، حسب حجم الانبعاثات.

كما يمكن أن يؤثر البركان على المناخ المحلي من خلال انخفاض درجات الحرارة وتغير أنماط الأمطار في شرق إفريقيا والشرق الأوسط، إضافة إلى اضطراب الغيوم وهطول الأمطار في المناطق القريبة نتيجة تراكم الرماد البركاني.
منطقة الأخدود الإثيوبي
ومن جانبه علق الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية، تحليله العلمي لتطورات الثوران، موضحًا طبيعة الانفجار البركاني، ارتفاع أعمدة الرماد والغازات، وتأثيرها المحتمل على المناطق المجاورة.
وأوضح شراقي أن منطقة الأخدود الإثيوبي، وتحديدًا مثلث العفر، تحتوي على عشرات البراكين القديمة والحديثة، ويعتبر بركان أرتا ألي الأكثر نشاطًا واستمرارًا في الثوران.
وأضاف أن هذا المثلث يقع عند ملتقى ثلاث صفائح أرضية رئيسية هي الصومالية، والأفريقية، والأسيوية، مما يجعل المنطقة نشطة زلزالياً وبركانياً بشكل دائم.
وأشار عباس شراقي إلى أن البركان الجديد انفجر بقوة، مكونًا عمودًا كبيرًا من الرماد والغازات، أبرزها ثاني أكسيد الكبريت (SO2)، وصل ارتفاعه إلى نحو 10 – 15 كيلومترًا، متجهًا في طبقات الغلاف الجوي نحو اليمن والسعودية، لافتا إلى أن البراكين في مثلث العفر تقع على عمق حوالي 125 مترًا تحت سطح البحر، ضمن الأخدود الأفريقي المنخفض.

المنطقة الجغرافية المحيطة بالبراكين
وأكد أستاذ الجيولوجيا أن موقع البركان الجديد يبعد نحو 650 كيلومترًا عن سد النهضة، ولا يوجد أي تأثير مباشر على السد أو على مجرى نهر النيل، مشيرًا إلى أن الظاهرة محلية الطابع وتقتصر على المنطقة الجغرافية المحيطة بالبراكين.
وأضاف شراقي أن مراقبة النشاط البركاني في هذه المنطقة مستمرة، وأن السلطات الإثيوبية والدولية المختصة تتابع تطورات الثوران عن كثب، مع ضرورة الانتباه لمناطق انتشار الرماد والغازات البركانية، التي قد تؤثر على الطيران والزراعة في المناطق المجاورة.
وشدد على أن هذا العمود البركاني يحتوي على نسب مرتفعة من غاز ثاني أكسيد الكبريت، الذي يُعد من أخطر الغازات المنبعثة من البراكين ويمكن أن يؤثر على جودة الهواء في المناطق التي يمر فوقها. ولفت إلى أن حركة الرياح دفعت بالسحابة البركانية نحو شمال البحر الأحمر باتجاه اليمن.