عاجل

ما حكم لبس الذهب اليسير للرجال؟.. دار الإفتاء توضح الضوابط

الذهب
الذهب

مع انتشار الساعات الحديثة المزينة بالعقارب الذهبية، يتساءل الكثير من الرجال عن الحكم الشرعي لارتدائها. هل يُعد لبس الساعة ذات العقارب الذهبية جائزًا أم محرمًا؟

ما حكم لبس الذهب اليسير للرجال؟

أكدت دار الإفتاء على جواز لبس الساعة ذات العقارب الذهبية للرجال؛ لأن عقارب الذهب في الساعة يسيرة وتابعة لا مستقلة مُفرَدة، وقد رُوِيَ عن معاوية بنِ أبي سُفيان رضي الله عنهما: “أن رسولَ الله صلَّى الله عليه وآله وسلم نَهَى عن لُبْسِ الذَّهَبِ إلا مُقطَّعًا” رواه أحمد


حكم لبس الذهب اليسير للرجال

ورد النهي في الشرع عن لبس الذهب للرجال؛ فعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «أُحِلَّ الذَّهَبُ وَالْحَرِيرُ لِإِنَاثِ أُمَّتِي، وَحُرِّمَ عَلَى ذُكُورِهِا» رواه الإمام أحمد في “المسند”، والترمذي في “جامعه” وصححه، والنسائي في “المجتبى”.
غير أنه جاء في السنة الشريفة الترخيص في لبس الذهب اليسير للرجال إذا كان تابعًا لغيره؛ كفص ذهب في خاتم فضة، فروى الإمام أحمد في “المسند”، وأبو داود في “السنن”، والنسائي في “المجتبى”، عن معاوية بنِ أبي سُفيان رضي الله عنهما: أن رسولَ الله صلَّى الله عليه وآله وسلم نَهَى عن لُبْسِ الذَّهَبِ إلا مُقطَّعًا، وإسناده حسن؛ كما قال الشيخ برهان الدين بن مفلح الحنبلي في “المبدع في شرح المقنع”.
قال الإمام شمس الدين بن مفلح الحنبلي في “الآداب الشرعية” نقلًا عن القاضي أبي بكر الخلال: وتفسيره: الشيء اليسير منه، فعلى هذا لا يُباح إلا أن يكون تابعًا لغيره، فأما أن يلبسه مفردًا فلا؛ لأنه لا يكون مقطعًا.
والحكمة في الترخيص في يسير الذهب إذا كان تابعًا لغيره: أنه مقاوم للبِلَى ولا يصدأ كغيره من المعادن.
وقد روى ابن بشران في “أماليه” عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه وآله وسلم: «﴿وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا﴾ [الكهف: 82] قَالَ: لَوْحٌ مِنْ ذَهَبٍ؛ لأَنَّ الذَّهَبَ لَا يَنْقُصُ وَلَا يَصْدَأُ…» إلخ الحديث.
قال الحافظ الرامهرمزي في “المحدث الفاصل”: الخالص من الذهب لا يحمل الخبث، ولا يقبل الصدأ، ولا تنقصه النار، ولا يغيره مرور الأوقات.

نصوص الفقهاء في إباحة لبس الذهب اليسير للرجال

نص كثير من فقهاء المذاهب المتبوعة على إباحة اليسير من الذهب إذا كان تابعًا لا مفردًا، كما نصُّوا على أن علة إباحته: قدرته على مقاومة الصدأ، وعدم البِلَى، وعلى اختلافهم في بعض تفصيلات ذلك فإن عقارب الساعة تدخل في الصور التي نصوا على إباحتها:
فأجاز الحنفية مسمار الذهب لتثبيت الفص؛ لأنه تابع في الاستعمال لا أصلي، وعقارب الساعة من هذه القبيل، بل أجاز الإمام محمد بن الحسن شد الأسنان بالذهب، وعن الإمامين أبي حنيفة وأبي يوسف في ذلك خلاف:
قال العلامة المرغيناني الحنفي في “الهداية شرح البداية”: قال: “ولا بأس بمسمار الذهب يجعل في حجر الفص” أي: في ثقبه؛ لأنه تابع كالعلم في الثوب، فلا يعد لابسًا له. قال: “ولا تُشدُّ الأسنان بالذهب، وتُشَدُّ بالفضة” وهذا عند أبي حنيفة، وقال محمد: لا بأس بالذهب أيضًا، وعن أبي يوسف مثل قول كل منهما.
قال الإمام العيني في “البناية”: وذكر في “الأمالي” عن أبي حنيفة رحمه الله: أنه لم يرَ بالذهب بأسًا أيضًا.
وقال الإمام برهان الدين البخاري الحنفي في “المحيط”: العبرة في الحظر والإباحة للخدَم لا للفص، وهو المذهب؛ لأنه إنما يصير مستعملًا للحلقة لا للفص. قال: ولا بأس بمسمار الذهب يجعل في الفص؛ يريد به المسمار ليحفظ به الفص، وإنما لا يكره ذلك لأنه تابع للفص، ولأنه لا يتزين به في العادة؛ لأنه لا يظهر ولأنه قليل، فصار كالقليل من الحرير، وقد ورد في القليل من الحرير نص، وهو قدر أربعة أصابع.
وكما أجاز المالكية مسمار الذهب في الخاتم، فقد أجازوا فيه أيضًا الحبة والحبتين من الذهب؛ حفاظًا عليه من الصدأ، على خلافٍ عندهم في إباحة ذلك وكراهته؛ قال الإمام الباجي المالكي في “المنتقى شرح الموطأ”: وفي “العتبية” من رواية سماع ابن القاسم عن مالك: أنه كره أن يجعل في خاتمه مسمار ذهب أو يخيط بقبضته منه حبة أو حبتين لئلا يصدأ، وهذا أخف من اتخاذه من محض الذهب.
جاء في “البيان والتحصيل” للإمام ابن رشد المالكي: مسألة: وسُئِلَ عن الرجل يجعل في فص خاتمه الحبة والحبتين من الذهب يخلطه معه يريد بذلك ألا تصدأ فضتُه: كرهه أيضًا. قال محمد بن رشد: مسمار الذهب في الخاتم كالعلم من الحرير يكون في الثوب، فمالك يكره ذلك، وغيره يجيزه ولا يرى فيه كراهة؛ فمن تركه على مذهب مالك أُجِر، ومن فعله لم يأثم؛ لأن هذا هو حد المكروه، وعلى مذهب غيره هو من المباح لا إثم في فعله ولا أجر في تركه.
وأجاز الحنابلة من الذهب ما دعت الضرورة إليه، وعندهم في تحلية آلة الحرب بالذهب وجهان، واحتج الإمام أحمد بما رُوي عن السلف من تحلية سيوفهم بالذهب، ونقلوا عن أبي بكر الخلال إباحة اليسير من الذهب، واختلفوا في توجيه هذا النقل عنه؛ هل مراده ما كان تابعًا، أو على الإطلاق؟ كما أن من الضوابط الفقهية عندهم في المرخص فيه من الذهب أن باب اللباس أوسع من باب الآنية، وذكر ابن تيمية أن إباحة يسير الذهب التابع لغيره؛ كالطرز ونحوه، هو أصح القولين في مذهب الإمام أحمد وغيره، كما أباح ابن تيمية الاكتحال بميل الذهب، وعللوا إباحة اليسير من الذهب بكونه لا يصدأ بخلاف غيره

تم نسخ الرابط