00 أيام
00 ساعات
00 دقائق
00 ثواني

🎉 افتتاح المتحف الكبير ! 🎉

عاجل

لم يكن قرار حاكم ولاية تكساس الأمريكية، جريج أبوت، تصنيف جماعة الإخوان المسلمين ومجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية (CAIR) كمنظمة إرهابية أجنبية ومنظمة إجرامية عابرة للحدود، قرار إداري جديد في سجل الولاية بل كان المشهد أقرب إلى إعادة فتح ملف ظل لسنوات مطويا تحت حسابات معقدة داخل المجتمع الأمريكي، ملف تنظيم اتخذ من الهدوء ستارا، ومن القانون مظلة، ومن الخطاب الحقوقي طريقا للتمدد.

في تلك اللحظة، ومع كل كلمة نطق بها أبوت، انعكست علي الولايات المتحدة صورة جديدة للجماعة، صورة لم تكن ترغب طويلا في النظر إليها، لكنها اليوم تجد نفسها مضطرة لقراءتها بواقعية: تنظيم عابر للحدود، يملك شبكة مالية وإعلامية وجمعيات مدنية تعمل وفق عقيدة واحدة، وهدف واحد، وإن غيرت تكتيكاتها و تلونت خطاباتها، ولكن هذا التحول لم يكن مفاجئا لمصر، فالدولة التي عرفت الإخوان في شوارعها ومؤسساتها ونجحت في التعامل معها كانت أول من أعلن بوضوح أن الجماعة ليست حزبا سياسيا ولا حركة دعوية، بل تنظيم إرهابي بشبكة ممتدة، و خاضت ضدهم معركة الأمن والفكر والوعي، و سبقت العالم في رؤية ما لم تنتبه إليه دول كثيرة إلا بعد أن دخلت الجماعة إلى عمق مجتمعاتها.

اللافت أن قرار تكساس لم يأتي في سياق دعائي أو سياسي مؤقت، بل جاء مستندا إلى ملفات قانونية وأمنية تتيح للولاية اتخاذ إجراءات مباشرة تتمثل في حظر امتلاك الجماعة و CAIR لأي أراضي داخل الولاية، وإغلاق المقار التي تتبعهم، بالإضافة إلى منح المدعي العام سلطات استثنائية لملاحقتهم.

هذه ليست لغة السياسة، بل لغة الأمن وتلك تحديدا اللغة التي تعاملت بها مصر منذ 2013 حين أدركت أن مواجهة التنظيم لا تكون بالتفاوض، بل بتفكيك شبكاته وتجفيف مصادر تمويله وملاحقة عناصره، أما المفارقة الأكبر، فهي إدراج CAIR ضمن التصنيف بعد أن كان المجلس لسنوات طويلة يقدم نفسه بوصفه بوابة المسلمين إلى التمثيل السياسي، لكنه—بحسب تقارير أمريكية عديدة—كان يعمل كذراع ناعمة للإخوان، يلبس ثوب الحقوق، يخفي شبكة ممتدة من العلاقات و التمويلات والاتصالات ذات الطابع الأيديولوجي.


ومن يتابع الشأن المصري يدرك أن القاهرة لم تنتظر قرارا أمريكيا أو غربيا كي تثبت الحقيقة، فالعمل الاستخباراتي والأمني والفكري الذي قامت به الدولة المصرية منذ سقوط حكم الجماعة، كشف للعالم الوجه الحقيقي للتنظيم واليوم، عندما تتخذ ولاية أمريكية قوية مثل تكساس هذا القرار، فإنها تعيد التأكيد على أن مصر كانت صاحبة الرؤية الأعمق، و الأسبق، والأجدر بالتصديق وما يحدث اليوم في الولايات المتحدة هو تتويج لسنوات من التحذيرات التي أطلقتها مصر بشأن تمدد الجماعة في الخارج ولكن السؤال لماذا الآن؟


الإجابة تكمن في التحولات داخل المجتمع الأمريكي نفسه، الذي بدأ يدرك أن التنظيمات الأيديولوجية لا تعلن نفسها دفعة واحدة، بل تتسلل عبر واجهات مدنية وقانونية ثم تبدأ في تحويل تلك الواجهات إلى أدوات نفوذ سياسي وأجهزة الأمن الأمريكية، التي كانت تنظر بحذر إلى أنشطة الإخوان، أصبحت الآن أكثر وضوحا في تقييمها، خاصة مع تغير أولويات الأمن القومي وعودة التركيز على الجماعات العابرة للحدود.

هذا التحول هو جزء من مشهد أكبر يعيد تشكيل العلاقة بين الغرب والتنظيمات التي تستخدم الدين كوسيلة للنفوذ وهو مشهد طالما تنبأت به مصر، التي كانت لديها الخبرة الكافية عن كيف تبني الجماعة قواعدها من الداخل، وكيف تتسلل إلى المؤسسات، وكيف تستثمر في الاضطرابات للوصول إلى السلطة، وفي مواجهة الجماعة الإرهابية لم تعتمد مصر على المواجهة الأمنية فقط، بل بنت استراتيجية شاملة من خلال تطوير خطاب وطني يعزز الهوية، و رفع وعي المجتمع بحقيقة التنظيم، و إصدار قوانين صارمة، وإعادة بناء المؤسسات التي حاولت الجماعة اختراقها.

واليوم، حين يبدأ المجتمع الدولي في اتخاذ خطوات مشابهة، فإن ذلك يعزز مكانة مصر كنموذج مبكر في إدارة هذا النوع من التهديدات ليس لأنها واجهت الإخوان فقط، بل لأنها كشفت—بالخبرة والتجربة—أن التنظيم ليس ظاهرة محلية، بل شبكة دولية بقدرات متشعبة والتوقعات تشير إلى أن قرار تكساس يقود إلى موجة أكبر لأن الولايات المتحدة ليست دولة مركزية تتحرك بقرار واحد وعندما تكسر ولاية كبيرة مثل تكساس حاجز التصنيف، فإن الطريق يصبح مفتوحا أمام ولايات أخرى، وربما أمام المؤسسة الفيدرالية نفسها لتعيد النظر في سياستها تجاه هذه التنظيمات، وقد يكون القرار بداية لمسار أوسع يعيد رسم خريطة التعامل مع الإخوان في الغرب، ويحد من قدرتهم على استخدام أدوات الديمقراطية لتقويضا من الداخل.

 

اليوم، وبعد قرار تكساس، تتأكد حقيقة واحدة: أن التنظيم الذي حاول التواري خلف خطاب مدني لا يمكن إخفاء حقيقته إلى الأبد ومصر بخبرتها وتجربتها ومواجهتها المبكرة، وضعت العالم على الطريق الصحيح في قراءة الجماعة والولايات المتحدة، التي بدأت تدرك حجم الخطر، تتحرك الآن في الاتجاه ذاته.

إن مواجهة الإخوان ليست معركة سياسية، بل معركة لحماية الدولة الوطنية، وحماية الأمن، وحماية الوعي وهذه معركة أدارتها مصر بكفاءة، وبدأ العالم—أخيرا— يسير على خطاها.

تم نسخ الرابط