00 أيام
00 ساعات
00 دقائق
00 ثواني

🎉 افتتاح المتحف الكبير ! 🎉

عاجل

قصص الأنبياء| كيف تعامل قوم نوح مع بناء السفينة.. وكيف نتخلص من آفة السخرية؟

قصة سفينة نوح
قصة سفينة نوح

قال الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر إن ربُّنا عز وجل نهانا عن السخرية بالمؤمنين؛ في ذواتهم، وفي أفعالهم، وفي أفكارهم، وفي آرائهم، ونهانا ربُّنا أن يسخر الرجالُ من الناس – من الرجال أو النساء – والنساءُ من الناس – من النساء أو الرجال – ونبَّهنا ربُّنا سبحانه وتعالى إلى ذلك، وأمرنا بالتوبة إن وقعنا فيها. 

حكم السخرية في الإسلام 

كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لسيدنا أبي ذرٍّ رضي الله تعالى عنه: «إنك امرؤٌ فيك جاهلية» عندما سخِر من بلالٍ رضي الله تعالى عنهما، موضحا: يقع الإنسان في ذلك على سبيل العَرَض، وقد يتمكَّن فيه ذلك فيكون مرضًا. وسواء أكان على سبيل العرض أو على سبيل المرض، فإنه يجب عليه أن يُبادر بالتوبة، وأن يستغفر ربَّه، وأن يتأسف لمن سخِر منه.

وتابع علي جمعة: أمرنا الله – في شأن أولئك – أن نتركهم جانبًا، وأن نستمر في طريقنا، وأن يكون هدفنا هو الله، وأن يكون الله هو مقصودنا، وأن يكون الله سبحانه وتعالى هو غايتنا. "الله مقصودي، ورضاه مطلوبي"

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ خطابٌ للمؤمنين، خطابٌ لمن صدَّق بالله ورسوله، ولكنه غفل عن نفسه فسخر من أخيه؛ فحينئذٍ يجب عليه أن يُبادر بالتوبة، فإن لم يفعل فقد ارتضى لنفسه أن يكون في دائرة الظالمين، والظلمُ ظلماتٌ يوم القيامة.

وأضاف علي جمعة: ربُّنا سبحانه وتعالى يتكلَّم عن هؤلاء الأفراد الذين يسخرون من المؤمنين حتى في مجتمعات الإسلام، فيقول:﴿إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ ۝ وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ ۝ وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ ۝ وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاءِ لَضَالُّونَ ۝ وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ ۝ فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ ۝ عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ ۝ هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾ (المطففين: 29–36).

نموذج للسخرية من المعجزات

وفي قصة نوحٍ يقول ربنا سبحانه وتعالى:﴿وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ ۚ قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ﴾ (هود: 38). يعني: فيه ردٌّ للعدوان، ورفعٌ للطغيان، ومحاولةٌ للإسكات، لكنه ليس من شأن المؤمن أن يبدأ بالسخرية، وأن يفعلها.

إذن هناك سخرية من الملأ: ﴿وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ ۚ قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ ۝ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ﴾ (هود: 38–39). ردَّ عليهم نوحٌ عليه السلام، لكن بأدبٍ راقٍ، لا يقصد السخرية منهم في نفسه، وإنما يقصد أن ينصر قضية الله سبحانه وتعالى.

إذن فهذا ديدنُهم من قديم؛ لم يكن في عصر نوحٍ فقط، ولا في عصر النبي ﷺ فقط، ولا الآن فقط، وهو عنوان: ﴿إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ﴾، وهو عنوان الضحك والسخرية والاستهزاء.

السخرية ليست من خُلُق المؤمن

وفي بيان أن السخرية ليست من خُلُق المؤمن.. فماذا نفعل؟، قال علي جمعة: قد فعل المرسلون من قبل في التعامل مع أولئك: "المقاطعة". إذا عرفت من أحدهم هذا، وعرفت أنه تحوَّل من عَرَضٍ إلى مرض – إن كان مؤمنًا – أو من حدِّ المودَّة إلى حدِّ الإجرام إن كان غير مؤمن، أو من حدِّ المفاصلة والعدوان إن كان من الملأ – فعليك أن تُقاطعه.
لا تقرأ له، ولا تسمع لكلامه؛ لأن كلامه من اللغو. وسِرْ في طريقك.

وعلاج آفة الاستهزاء والسخرية هو المعرفة والتحقّق بأن الاستهزاء – وإن كان مقصودُك منه إخزاءَ غيرك عند الناس – فأنت بذلك تُخزي نفسك عند الله.

واختتم: فلو تفكرت في حسرتك، وجنايتك، وخجلك، وخزيك يوم القيامة، لكان هذا دافعًا لضبط سلوكك، ولعدم الإتيان بمثل هذا؛ ولذلك قالوا: إن الإيمان باليوم الآخر هو الذي يتحكم في سلوك الإنسان في الدنيا. وكما قيل: معظم النار من مستصغر الشرر.

قصة طوفان نوح في القران

القرآن الكريم روى قصة نوح عليه السلام، وأنه تعالى قد أرسله حين نسي الناس خالقهم سبحانه وتعالى، وعكفوا على عبادة الأوثان، وقد وردت سورة كاملة تحمل قصة نوح عليه السلام، كما جاءت قصته في سور كثيرة كيونس وهود وغيرها من السور، وحكى القصص القرآني عن سيدنا نوح أنه ظل يدعو قومه ألف سنة إلا خمسين عامًا، وأنه صبر على أذاهم؛ فاستحق أن يكون من أولي العزم من الرسل.

ومما أوحى به تعالى إلى نوح أنه لن يؤمن من قومه إلا من قد آمن، وأنه سبحانه وتعالى أراد أن يأخذهم بعذاب الاستئصال، وأن يغرقهم، فأمره ببناء سفينة عظيمة يحمل فيها من آمن بدعوته، وأن يحمل فيها من كل زوجيْن اثنيْن من الأحياء، وفعل نوح ما أمر به ربه سبحانه وتعالى، حتى إن أحد أولاده عليه السلام أبى أن يركب السفينة مع أبيه ظنًّا منه أن الماء مهما بلغ من الكثرة فلن يغرق الجبال العالية، فكان من المغرقين.

 

قال تعالى في سورة هود: ﴿وَأُوحِيَ إِلَىٰ نُوحٍ أَنَّهُ لَن يُؤمِنَ مِن قَومِكَ إِلَّا مَن قَد ءَامَنَ فَلَا تَبتَئِس بِمَا كَانُواْ يَفعَلُونَ (36) وَٱصنَعِ ٱلفُلكَ بِأَعيُنِنَا وَوَحيِنَا وَلَا تُخَٰطِبنِي فِي ٱلَّذِينَ ظَلَمُوٓاْ إِنَّهُم مُّغرَقُونَ (37) وَيَصنَعُ ٱلفُلكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيهِ مَلَأ مِّن قَومِهِ سَخِرُواْ مِنهُ قَالَ إِن تَسخَرُواْ مِنَّا فَإِنَّا نَسخَرُ مِنكُم كَمَا تَسخَرُونَ (38) فَسَوفَ تَعلَمُونَ مَن يَأتِيهِ عَذَاب يُخزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيهِ عَذَاب مُّقِيمٌ (39) حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءَ أَمۡرُنَا وَفَارَ ٱلتَّنُّورُ قُلۡنَا ٱحۡمِلۡ فِيهَا مِن كُلّٖ زَوجَينِ ٱثۡنَيۡنِ وَأَهۡلَكَ إِلَّا مَن سَبَقَ عَلَيهِ ٱلقَوۡلُ وَمَنۡ ءَامَنَۚ وَمَآ ءَامَنَ مَعَهُۥ إِلَّا قَلِيل (40) وَقَالَ ٱركَبُواْ فِيهَا بِسمِ ٱللَّهِ مَجرىٰهَا وَمُرسَىٰهَآ إِنَّ رَبِّي لَغَفُور رَّحِيم (41) وَهِيَ تَجۡرِي بِهِمۡ فِي مَوۡجٖ كَٱلجِبَالِ وَنَادَىٰ نُوحٌ ٱبۡنَهُۥ وَكَانَ فِي مَعزِلٖ يَٰبُنَيَّ ٱركَب مَّعَنَا وَلَا تَكُن مَّعَ ٱلكَٰفِرِينَ (42) قَالَ سَـَٔاوِيٓ إِلَىٰ جَبَلٖ يَعصِمُنِي مِنَ ٱلمَآءِ قَالَ لَا عَاصِمَ ٱليَومَ مِن أَمرِ ٱللَّهِ إِلَّا مَن رَّحِمَ وَحَالَ بَينَهُمَا ٱلمَوجُ فَكَانَ مِنَ ٱلمُغرَقِينَ (43) وَقِيلَ يَٰٓأَرضُ ٱبلَعِي مَآءَكِ وَيَٰسَمَآءُ أَقلِعِي وَغِيضَ ٱلمَآءُ وَقُضِيَ ٱلأَمرُ وَٱستَوَت عَلَى ٱلجُودِيِّ وَقِيلَ بُعدٗا لِّلقَومِ ٱلظَّٰلِمِينَ (44)﴾ [الآيات: 36 – 44].

ومن المعلوم أن قصة نوح وإهلاك قومه بالغرق لم ترد في القرآن الكريم وحده، وإنما وردت في العهد القديم (التوراة). ومعلوم أيضًا أن القرآن الكريم هو أكبر معجزات النبي عليه الصلاة والسلام؛ فما أخبر به عن قصص من قبله من الأمم السابقة فهو حق وصدق لا ينبغي تكذيبه؛ ومعجزة سيدنا نوح شأنها شأن معجزات كثيرة التي لا يمكن للعقل محدود الإدراك والفهم أن يعيها أو أن يتصور كيفية وقوعها؛ فالمعجزات لا تخضع لقوانين الطبيعة المحدودة التي توصلنا إليها حتى الآن، فكثير من قوانين الطبيعة لم تُكتشف بعد، ولو حاولنا إخضاعها للقوانين المحدودة الآن لكان ضربًا من العبث السخيف، والعجز المحتم.

تم نسخ الرابط