رموز إسلامية | أُبيّ بن كعب.. سيد القراء وأحد كتاب الوحي
الصحابي الجليل أُبيّ بن كعب الأنصاري رضي الله عنه من أبرز رموز الإسلام في صدر الدعوة، ومن كبار قراء القرآن وحفاظه، الذين أسهموا في حفظ كتاب الله ونقله إلى الأمة بصدق وأمانة.
عرف بلقب سيد القراء، وكان من أوائل من كتبوا الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن أوثق من حملوا علم القرآن وتفسيره، فكان إماما في القراءة، قدوةً في العبادة، ومثالًا في الزهد والخشوع.
نسبه ومكانته
هو أُبيّ بن كعب بن قيس بن عبيد بن زيد من بني النجار من الخزرج، من أهل المدينة المنورة، وكان من السابقين إلى الإسلام. شهد بيعة العقبة الثانية مع السبعين من الأنصار، وشارك في غزوة بدر وسائر المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان من كُتّاب الوحي الذين اختارهم النبي لكتابة ما يُنزل عليه من القرآن.
علمه ومكانته بين الصحابة
عُرف أُبيّ بن كعب بعلمه الواسع وفهمه العميق لكتاب الله وسنة رسوله، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يثني عليه ويُقدمه في تعليم القرآن، فقد قال له النبي عليه الصلاة والسلام كما في الحديث الصحيح: "يا أُبيّ، إن الله أمرني أن أقرأ عليك سورة (لم يكن الذين كفروا)"، فقال أُبيّ متعجبًا: "وسماني لك؟" قال: "نعم، فبكى أُبيّ من شدة فرحه وإجلاله لله عز وجل."
وفي حديث آخر قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أقرأكم أُبيّ بن كعب." (رواه البخاري ومسلم).
بهذه الأحاديث الشريفة نال أُبيّ بن كعب شرفًا عظيمًا بأن شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتفوق في تلاوة القرآن وفهمه، فكان مرجعًا للصحابة في القراءات وأحكام التلاوة، كما كان أحد الذين تولوا تعليم القرآن في مسجد النبي بالمدينة.
دوره في جمع القرآن
بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، كان لأُبيّ بن كعب دور بارز في جمع القرآن في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه، إذ كان من أبرز من ساهموا في مراجعة المصحف وضبط نصوصه، لما عُرف عنه من دقة في الحفظ وإتقان في التلاوة. وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يرجع إليه في مسائل القرآن، ويقول: "سيد المسلمين أُبيّ بن كعب".
زهده وعبادته
كان أُبيّ مثالاً في العبادة والخشوع، وكان كثير البكاء من خشية الله، متواضعًا رغم مكانته العالية، حريصًا على تعليم الناس القرآن وتربيتهم عليه. وكان يقول: "خذوا العلم قبل أن يذهب العلماء، والعلم ذاهب بذهاب أهله".
وفاته وإرثه العلمي
توفي أُبيّ بن كعب رضي الله عنه في المدينة المنورة في خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه سنة 22 أو 30 هـ على اختلاف الروايات، بعد أن ترك أثرًا خالدًا في تاريخ الإسلام، إذ كان أحد أعمدة المدرسة القرآنية الأولى التي حملت كتاب الله إلى الأجيال اللاحقة.
وسيظل الصحابي الجليل أُبيّ بن كعب نموذجًا فريدًا للعالم العامل، الذي جمع بين الحفظ والعلم والعمل، وبين التقوى والتواضع، وبين القيادة في الدين والخشوع في العبادة. وسيرته العطرة درس خالد لكل من يسعى إلى خدمة كتاب الله وحمل رسالته في الحياة.


