00 أيام
00 ساعات
00 دقائق
00 ثواني

🎉 افتتاح المتحف الكبير ! 🎉

عاجل

حين يُذكر تاريخ العلاقات بين مصر والمغرب في العقدين الأخيرين، لا يمكن تجاهل الدور البارز الذي لعبه السفير أشرف إبراهيم، سفير مصر الأسبق في المملكة المغربية، والذي استطاع أن يترك بصمة دبلوماسية يصعب تكرارها، وأن يعيد الزخم إلى علاقات بلدين عربيين تجمعهما أواصر التاريخ والثقافة والمصير المشترك.
منذ توليه مهامه في الرباط، اتخذ السفير أشرف إبراهيم نهجًا مختلفًا في العمل الدبلوماسي، قوامه الحضور الفاعل والمبادرة، لا الاكتفاء بالبروتوكول الرسمي. أدرك مبكرًا أن العلاقات بين مصر والمغرب، رغم قوتها التاريخية، كانت بحاجة إلى دفع جديد يواكب تحديات الحاضر وطموحات المستقبل. فعمل على بناء جسور متينة بين المؤسسات الرسمية والمجتمعية في البلدين، ليعيد تلك العلاقات إلى مكانتها الطبيعية بين الأشقاء.
دبلوماسية المبادرة لا الانتظار
لم يكن السفير إبراهيم مجرد ممثل رسمي لبلاده، بل كان فاعلًا ميدانيًا بكل ما تحمله الكلمة من معنى. آمن بأن الدبلوماسية لا تقتصر على قاعات الاجتماعات، بل تمتد إلى الشارع والمجتمع والثقافة والاقتصاد. لذلك، نشط في كل ما من شأنه تعزيز الحضور المصري في المغرب، سواء عبر المبادرات الثقافية، أو الفعاليات الاقتصادية، أو التواصل مع النخب المغربية من مختلف الاتجاهات.
فقد ساهم في دعم التعاون الثقافي والفني بين البلدين، مؤكدًا أن الثقافة هي البوابة الأوسع للتقارب الشعبي. وشهدت فترة عمله تنظيم عدد من الفعاليات التي أعادت الوهج للمشهد الثقافي المصري في الرباط والدار البيضاء، سواء من خلال الأسابيع الثقافية أو العروض الفنية المشتركة أو دعم حضور السينما المصرية في المهرجانات المغربية.
رؤية اقتصادية تعزز الشراكة
لم يغفل السفير أشرف إبراهيم الجانب الاقتصادي الذي يمثل عصب العلاقات بين الدول. فعمل على تشجيع رجال الأعمال والمستثمرين في البلدين على إقامة شراكات حقيقية تعود بالنفع المتبادل، وساهم في فتح قنوات جديدة للتجارة والتعاون الاستثماري. ولعل أبرز ما يُحسب له هو قدرته على بناء الثقة المتبادلة بين مجتمعَي الأعمال في القاهرة والرباط، من خلال اللقاءات والمنتديات المشتركة التي نظمها برؤية استراتيجية تهدف إلى توسيع قاعدة المصالح المشتركة.
وفي هذا الإطار، كانت الدبلوماسية الاقتصادية التي انتهجها نموذجًا يُحتذى به، إذ نجح في أن يجعل السفارة المصرية بالمغرب منصة تفاعلية تدعم القطاع الخاص وتستجيب لاحتياجاته، بدلًا من أن تكون مجرد مؤسسة رسمية مغلقة.
حضور إنساني وسياسي مميز
إلى جانب إنجازاته الدبلوماسية، عُرف السفير أشرف إبراهيم بإنسانيته الرفيعة وتواضعه الجم، وهو ما جعله محبوبًا من الجالية المصرية في المغرب ومن المسؤولين المغاربة على حد سواء. لم يكن يترك مناسبة تمر دون التواصل مع أبناء الجالية، والاستماع إلى قضاياهم ودعمهم في مختلف المجالات. هذا الحضور الإنساني عزز الصورة الإيجابية لمصر في الشارع المغربي، ورسّخ شعورًا بالاحترام المتبادل بين الشعبين.
أما على المستوى السياسي، فقد استطاع أن يُبقي العلاقات المصرية–المغربية في حالة من التوازن والاحترام رغم التحديات الإقليمية والدولية، واضعًا نصب عينيه مصلحة البلدين العليا، ومؤمنًا بأن التنسيق العربي هو السبيل لمواجهة المتغيرات المتسارعة في المنطقة.
إرث دبلوماسي باقٍ
رحل السفير أشرف إبراهيم عن الرباط تاركًا خلفه إرثًا دبلوماسيًا وإنسانيًا يصعب تجاوزه. فقد استطاع أن يجعل من وجود مصر في المغرب حضورًا مستمرًا على المستويات كافة – السياسية والاقتصادية والثقافية – وأن يؤسس لمرحلة جديدة من العلاقات تقوم على التعاون والاحترام والمصالح المشتركة.
وفي زمن تتراجع فيه بعض أدوار الدبلوماسية التقليدية، يظل نموذج السفير أشرف إبراهيم شاهدًا على أن النجاح في العمل الخارجي لا يتحقق باللقاءات الرسمية فحسب، بل بالعطاء الصادق والرؤية الواضحة والإيمان العميق برسالة الدولة التي يمثلها.
لقد كان أشرف إبراهيم بحق سفيرًا فوق العادة، ترك بصمة لا تُمحى في ذاكرة العلاقات المصرية–المغربية، وأعاد صياغة مفهوم الدبلوماسية ليجعلها فعلًا إنسانيًا قبل أن تكون مجرد مهنة.

تم نسخ الرابط