00 أيام
00 ساعات
00 دقائق
00 ثواني

🎉 افتتاح المتحف الكبير ! 🎉

عاجل

ما حكم تشييع المسلم لجنازة مسيحي؟.. دار الإفتاء توضح

جنازة
جنازة

أكدت دار الإفتاء أنه يجوز للمسلم اتباع جنازة غير المسلم وتشييعها، بل إن هذا من صور المواساة والبر ومكارم الأخلاق المأمور بها شرعًا.

بعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم رحمةً للعالمين


بُعِث النبي صلى الله عليه وآله وسلم بحسن الخلق، وأرسله الله تعالى رحمةً للعالمين؛ دون تفرقةٍ بين جنسٍ وجنسٍ أو طائفةٍ وأخرى، أو دينٍ ودينٍ، بل كان رحمةً لكلِّ البشر؛ قال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾، وقال سبحانه: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾، وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّمَا أَنَا رَحْمَةٌ مُهْدَاةٌ».
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا رَحِيمٌ»، قلنا: كلُّنا رحيمٌ يا رسول الله، قال: «لَيْسَتِ الرَّحْمَةُ أَنْ يَرْحَمَ أَحَدُكُمْ خَاصَّتَهُ؛ حَتَّى يَرْحَمَ الْعَامَّةَ، وَيَتَوَجَّعَ لِلْعَامَّةِ».
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَا يَضَعُ اللهُ رَحْمَتَهُ إِلَّا عَلَى رَحِيمٍ»، قلنا: يا رسول الله، فكلُّنا رحيمٌ، قال: «لَيْسَ الَّذِي يَرْحَمُ نَفْسَهُ خَاصَّةً، وَلَكِنِ الَّذِي يَرْحَمُ النَّاسَ عَامَّةً».
وقد راعى الإسلام مشاعرَ الإنسان وأحزانَه في حال الوفاة ولو كان على موت حيوان تعلَّق به؛ فعن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يدخل علينا ولي أخٌ صغيرٌ يُكَنَّى أبا عُمَير وكان له نغر يلعب به، فمات، فدخل عليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذات يوم فرآه حزينًا، فقال: «ما شأنُه؟» قالوا: مات نغره، فقال: «يا أبا عُمَيْرٍ، ما فَعَلَ النُّغَيْرُ؟».

الأمر بحسن معاملة أهل الكتاب والدليل على ذلك


الأمرُ بحُسنِ معاملةِ أهل الكتاب ورحمتِهم يدخل في عموم الأمر بالرَّحمةِ وحُسن الخلق، ويزداد تأكُّدًا بما ورد في حقِّهم ونُصَّ عليه في شأنِهم؛ من وجوب الإحسان إليهم؛ حيث قال تعالى: ﴿وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ﴾، وقال سبحانه: ﴿لَا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾.

صور حسن معاملة أهل الكتاب وفعل النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته


من أشملِ صور حسن معاملتهم ورحمتهم: مواساتُهم عند المصائِب، وجبرهم عند الحاجة والضَّعفِ، ومن ذلك: حال المرض، وحال الوفاة، سواء كانوا من الأقارب أم من غير الأقارب.
وقد كان ذلك فعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم وصحابته الكرام رضي الله عنهم؛ فعن أنس بن مالك رضي الله عنه: “أن غلامًا ليهودٍ كان يخدم النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فمرض فأتاه النبي صلى الله عليه وآله وسلم يَعُودُهُ”، وروى ابن أبي شيبة: “أن أبا الدرداء رضي الله عنه عادَ جارًا له يهوديًّا”.

الدليل من السنة على جواز اتباع جنائز أهل الكتاب
أما اتِّباعُ جنازتِهم:


فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قال: “مرَّ بنا جنازة، فقام لها النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقمنا به، فقلنا: يا رسول الله، إنها جنازة يهودي، قال: «إذا رأيتم الجنازة فقوموا»”.
وعن سهل بن حنيف، وقيس بن سعد رضي الله عنهما قالا: إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مرَّت به جنازةٌ فقام، فقيل له: إنها جنازة يهودي، فقال: «أَلَيْسَتْ نَفْسًا».
وشيَّع الصحابة رضي الله عنهم جنازةَ نصرانيَّة؛ هي أم الحارث بن أبي ربيعة رضي الله عنه؛ فعن الشَّعبي قال: “ماتت أم الحارث بن أبي ربيعة رضي الله عنه، وكانت نصرانيةً، فشيَّعها أصحابُ محمد صلى الله عليه وآله وسلم”.
فقد شيَّعها الصحابة رضي الله عنهم ولم تكن قريبةً لهم، وهذا يدل على جواز ذلك لغير الأقارب.
وعن عبد الله بن شريك رضي الله عنه قال: “سمعت ابن عمر رضي الله عنهما، سئل عن الرجل المسلم يتبع أمَّه النصرانيَّة تَموت؟ قال: يتبعها ويمشي أمامها”.

أقوال الفقهاء في جواز تشييع جنازة أهل الكتاب


نصَّ الفقهاء من الحنفية والشافعية على جواز تشييع جنازة أهل الكتاب واتباعها؛ سواء كان المتوفى  من الأقارب أو الجيران أو لم يكن كذلك.
قال العلامة ابن مازة البخاري الحنفي في “المحيط البرهاني”: [وفي السير الكبير: سأل رجلٌ ابنَ عباسٍ رضي الله عنهما: أن أمي ماتت نصرانيَّةً؟ فقال: اتبع جنازتها واغسِّلها وكفِّنها، ولا تصلي عليها، وادفنها. وإنَّ الحارث بن أبي ربيعة ماتت أُمُّهُ نصرانيَّةً، فتتبع جنازتها في نفرٍ من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين].
وقال الإمام النووي الشافعي في “منهاج الطالبين”: [ولا بأس باتباع المسلم جنازة قريبِه الكافر].
وقال العلامة شمس الدين الرملي في “نهاية المحتاج”: [(ولا بأس باتباع المسلم جنازة قريبه الكافر).. ولا يبعد كما قاله الأذرعي إلحاق الزوجة والمملوك بالقريب، ويلحق به أيضًا المولى والجار كما في العيادة فيما يظهر].
وقال العلامة عبد الحميد الشرواني في حاشيته على “تحفة المحتاج”: [قال في العباب: وللمسلم زيارة قبر كافر. قال: في شرحه: أي يُباح له ذلك كما قطع به الأكثرون وصوبه في المجموع انتهى. وظاهر قطع الأكثرين هذا الذي صوَّبه في المجموع أنه لا فرق بين القريب والأجنبي. ويؤخذ من ذلك عدم الحرمة أيضًا في اتِّباع جنازته لقريبٍ أو أجنبيٍ].
والمواطَنَةُ تفرِض على المسلم حقوقًا لمواطنِيه؛ منها التَّناصُرُ والتآزُرُ والتَّعاون والمواساة وردُّ التَّحيَّة والنَّصيحة وحسن الخلق والمعاملة بالمعروف، والدِّفاع عنه وعن حرماته وأمواله، وتشييع الجنائز من أعظم ما تحصل به المواساة ويتحقق به البرُّ والرحمة والتخفيف عن أهل المتوفَّى في مصابهم، وذلك من حقوق الإنسان على أخيه الإنسان.

تم نسخ الرابط