ما حكم قراءة بعض سور القرآن والدعاء بعد صلاة العشاء؟
يحرص كثير من المسلمين بعد أداء صلاة العشاء على ختم يومهم بقراءة ما تيسر من سور القرآن الكريم والدعاء، طلبًا للسكينة ومغفرة الذنوب، واستشعارًا لقرب الله عز وجل في لحظات الصفاء والهدوء التي تلي الصلاة. ويتساءل البعض عن حكم قراءة بعض سور القرآن والدعاء بعد صلاة العشاء: هل هي من السنن الثابتة؟ وهل ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما يدل على مشروعيتها
ما حكم قراءة بعض سور القرآن والدعاء بعد صلاة العشاء؟
أكدت دار الإفتاء على ما جاء في الشرع بقراءة القرآن الكريم على جهة الإطلاق، ومن المقرر أن الأمر المطلق يقتضي عموم الأمكنة والأزمنة والأشخاص والأحوال، فلا يجوز تقييد هذا الإطلاق إلا بدليل، وإلا كان ذلك ابتداعًا في الدين بتضييق ما وسَّعه الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم.
وقد ورد الأمر الرباني في الذكر عقب الصلاة مطلقًا في قول الله سبحانه وتعالى: ﴿فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ﴾ [النساء: 103].
قال الإمام علاء الدين السمرقندي في تفسيره: فإذا فرغتم من الصلاة فاذكروا الله بالقلب واللسان على أي حال كنتم قيامًا وقعودًا وعلى جنوبكم إن لم تستطيعوا القيام.
وكذلك دلت ظواهر الأحاديث الشريفة على التسبيح والأذكار المطلوبة بعد الصلوات، ومن أصرحها حديث ثوبان رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا انصرف من صلاته استغفر ثلاثًا، وقال: «اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركت ذا الجلال والإكرام» أخرجه الإمام مسلم في صحيحه.
وقراءة القرآن مشروعة على الإطلاق كما سبق بيانه، والذكر والدعاء بعد الصلاة ثابت في الجملة ومشروع كذلك، وقد ترجم الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه باب استحباب الذكر بعد الصلاة، وأورد فيه الحديث أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا فرغ من الصلاة وسلم قال: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد».
وقد ذكر الحافظ ابن حجر العسقلاني في “فتح الباري” في شرحه لهذا الحديث أن ما نقل عن بعض أهل العلم من نفي الدعاء بعد الصلاة مطلقًا أمر مردود؛ لثبوت أنه صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا صلى أقبل على أصحابه ودعا.



