عملية جنين... هل تتحول الضفة الغربية إلى غزة مصغرة؟

واصلت قوات الاحتلال الإسرائيلي ما أسمته عملية جديدة لمكافحة الإرهاب في مخيم جنين بالضفة الغربية المحتلة يوم الأربعاء، حيث اعتقلت 25 شخصاً على الأقل خلال اليوم الماضي، حسبما ذكرت وسائل إعلام فلسطينية.
ووفقا لمسؤولين فلسطينيين، فقد ارتفع إجمالي عدد القتلى منذ بدء الغارة إلى 10، مقارنة بثمانية يوم الثلاثاء، كما أصيب أربعة أشخاص آخرين في جنين.
وقال المسؤولون إن الجيش قام يوم الأربعاء باعتقالات في جنين ورام الله والخليل وطولكرم وبيت لحم. وأدى تعزيز الأمن عند نقاط التفتيش الإسرائيلية في جميع أنحاء المنطقة إلى إبطاء أو إيقاف حركة المرور.
وقال رئيس بلدية جنين محمد جرار لوكالة الأنباء الفلسطينية "وفا" إن القوات الإسرائيلية احتجزت ما يصل إلى 600 شخص طوال الليل في مستشفى جنين الحكومي، ولكن سُمح لهم بالمغادرة صباح الأربعاء. ووصفت وكالة الأنباء الجرافات الإسرائيلية وهي تسد أبواب المستشفى بالأتربة من الشوارع المجاورة.

وفي إحاطة للصحفيين حول العملية، قال العقيد نداف شوشاني، متحدث جيش الاحتلال إن الناس في المستشفى احتجزوا مؤقتاً لضمان عدم تعرضهم للأذى من المتفجرات التي كان الجيش يفجرها بالقرب منهم، مشيرًا إلى أن العملية في الضفة الغربية كانت مماثلة في نطاقها لعملية نفذها الجيش في أغسطس.
وبحسب وسائل إعلام فلسطينية وسكان، أسفرت تلك الغارة التي استمرت عشرة أيام في جنين عن استشهاد 21 شخصا. وكانت واحدة من أكثر الغارات شمولا وفتكًا في الضفة الغربية منذ سنوات.
تغيير العقيدة العسكرية
اليوم الأربعاء، قال وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس إن العملية التي بدأتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في مخيم جنين من المتوقع أن تشكل تحولا في استراتيجية الجيش في الضفة الغربية، مضيفًا أن تلك العملية "تعني أن هناك تحولاً في استراتيجية الأمن التي ينفذها الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية"،
وأعرب مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان عن قلقه إزاء تصريحات الجيش الإسرائيلي، التي تشير إلى مزيد من التوسع في العمليات في الضفة الغربية.
تشديد الإجراءات العسكرية
وذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا" أن قوات الاحتلال الإسرائيلي شددت الإجراءات العسكرية في جميع مدن ومخيمات الضفة الغربية المحتلة، وذلك منذ الإعلان عن وقف إطلاق النار في قطاع غزة.
وقالت الوكالة إن "عدد الحواجز والبوابات الحديدية، التي نصبها جيش الاحتلال في الضفة الغربية وصل إلى 898 حاجزًا عسكريا وبوابة حديدية، منها 18 بوابة حديدية نصبها الاحتلال منذ بداية العام الجاري 2025، منها 146 بوابة حديدية نصبها الاحتلال بعد السابع من أكتوبر 2023".
غزة مصغرة
وفي تصريحات لوكالة أنباء الشرق الأوسط، قال كمال أبو الرب، محافظ جنين إن إسرائيل تعمل على تحويل مخيم جنين إلى "غزة مصغرة" و"بؤرة جديدة من الحرب على الشعب الفلسطيني"، مؤكدًا عزم إسرائيل على تشويه صورة السلطة الفلسطينية أمام العالم.
وقال إنها "طريقة لاستمرار الاحتلال واتساع رقعة احتلال الأرض الفلسطينية".
ردود فعل وتحذيرات
اليوم الأربعاء، قالت الأمم المتحدة، إن مخيم جنين للاجئين في الضفة الغربية المحتلة أصبح "غير صالح للسكن تقريبًا" بسبب الحصار الذي طال أمده من قبل قوات الأمن الفلسطينية والغارات الإسرائيلية الجديدة التي دخلت يومها الثاني.
وقال رولاند فريدريش، مدير شؤون الأونروا في الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، في تصريح صحفي، اليوم إن "قوات الأمن الإسرائيلية شنت أمس عملية واسعة النطاق في مخيم ومدينة جنين، مستخدمة أسلحة وأساليب حربية متطورة، بما في ذلك الضربات الجوية".
وقال إن "المخيم أصبح غير صالح للسكن تقريبًا، حيث نزحت نحو 2000 أسرة منذ منتصف ديسمبر"، مضيفًا أن وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين غير قادرة على تقديم خدماتها الكاملة، في ظل الوضع الحالي.
من جانبه، حذر وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، الأربعاء، من العواقب الوخيمة للعملية العسكرية الإسرائيلية المستمرة في مدينة جنين بالضفة الغربية، قائلاً خلال جلسة في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس بسويسرا، إن "الوضع في الضفة الغربية خطير وقد يزعزع استقرار المنطقة".
وحذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش من أن العملية العسكرية في جنين قد تعتبرًا تمهيدًا خطيرًا لضم إسرائيل للضفة الغربية وإبقاء الوضع بغزة في حالة من الغموض.