سنة صلاة الجمعة القبلية والبعدية.. كم عدد الركعات وهل تجوز أثناء الخطبة؟
يتساءل الكثيرون عن سنة صلاة الجمعة القبلية والبعدية، حيث أوضحت دار الإفتاء أن سنة الجمعة كسنة الظهر، وفيما يلي بيانها.
سنة صلاة الجمعة القبلية والبعدية
وأوضحت دار الإفتاء أن سنة صلاة الجمعة القبلية والبعدية؛ تُصَلَّى أربع ركعات قبلها وركعتين بعدها، والأكمل أن تُصَلَّى أربعًا قبلها وأربعًا بعدها، مستدلة بما جاء عن علي رضي الله عنه قال: "كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي قَبْلَ الْجُمُعَةِ أَرْبَعًا، وَبَعْدَهَا أَرْبَعًا؛ يَجْعَلُ التَّسْلِيمَ فِي آخِرِهِنَّ رَكْعَةً" أخرجه الطبراني في "الأوسط"، وهو حديث حسن.
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «مَنْ كَانَ مِنْكُمْ مُصَلِّيًا بَعْدَ الجُمُعَةِ فَلْيُصَلِّ أَرْبَعًا» أخرجه مسلم في "صحيحه"، والترمذي في "سننه" وحسّنه.
قال شيخ الإسلام محيي الدين النووي الشافعي رحمه الله تعالى في "المجموع": [فرعٌ في سنةِ الجمعةِ بَعْدهَا وقَبلَهَا: تُسنُّ قَبلَهَا وَبَعدهَا صلاةٌ، وأقَلُّهَا ركعتان قَبلهَا وركعتان بَعدهَا، والأكملُ أربعٌ قَبلهَا وأربعٌ بَعدهَا.. وأمَّا السنة قَبلهَا فالعمدةُ فيها: حديث عبد الله بن مُغَفَّلٍ رضي الله عنه: «بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ»، والقياسُ على الظُّهْرِ] اهـ.
وشددت على ذلك: فصلاة السنة القبلية للجمعة مشروعة مُسْتَحَبَّةٌ ولا حرج فيها ولا يُسوّغ إنكارُها.
حكم سنة صلاة الجمعة بعد صعود الخطيب المنبر
مذهب الحنفية كما جاء في "الفتح" و"البحر" وغيرهما من كتب المذهب أن الإمام إذا خرج يوم الجمعة ترك الناس الصلاة والكلام حتى يفرغ من خطبته عند أبي حنيفة رحمه الله، وقال صاحباه: لا بأس بالكلام إذا خرج الإمام قبل أن يخطب وإذا نزل قبل أن يكبِّر؛ لأن الكراهة للإخلال بفرض الاستماع، ولا استماع هنا بخلاف الصلاة؛ لأنها قد تمتد، واستدل الإمام أبو حنيفة رحمه الله بقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ فَلَا صَلَاةَ وَلَا كَلَامَ». من غير فصل، ولأن الكلام قد يمتد طبعًا فأشبه الصلاة.
وقال صاحب "الفتح" تعليقًا على ذلك: [وأخرج ابن أبي شيبة في "مصنفه" عن علي وابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم كانوا يكرهون الصلاة والكلام بعد خروج الإمام، والحاصل أن قول الصحابي حجة، فيجب تقليده عندنا إذا لم ينفه شيء آخر من السنة ولو تجرد المعنى المذكور عنه وهو أن الكلام يمتد طبعًا أي يمتد في النفس فيخل بالاستماع، أو أن الطبع يفضي بالمتكلم إلى المد فيلزم ذلك، والصلاة أيضًا قد تستلزم المعنى الأول فتخل به. ثم قال بعد ذلك: وأخرج الستة عن أبي هريرة رضي الله عنه عنه صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكِ يَومَ الجُمعَةِ والإِمَام يخطُب: أنصِت! فَقَد لَغَوتَ». وهذا يفيد بطريق الدلالة منع الصلاة وتحية المسجد؛ لأن المنع من الأمر بالمعروف وهو أعلى من السنة وتحية المسجد، فمنعه منهما أولى... إلخ].
وجاء في "البحر" شارح "الكنز" بعد أن روى أثر ابن أبي شيبة السابق: [فالحاصل أن الإمام إذا كان في خلوة فالقاطع انفصاله عنها وظهوره للناس، وإلا فقيامه للصعود، وأطلق في الصلاة فشمل السنة وتحية المسجد، ويدل عليه حديث: «إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكِ يَومَ الجُمعَةِ والإِمَام يخطُب: أنصِت! فَقَد لَغَوتَ». فإنه يفيد بطريق الدلالة منعهما بالأولى؛ لأن المنع من الأمر بالمعروف وهو أعلى من السنة وتحية المسجد، وما في "صحيح مسلم" من أن قوله عليه السلام: «إِذَا جَاءَ أحَدُكُم والإِمَامُ يخطُب فَلْيَركَعْ رَكعَتَينِ وَلْيَتجَوز فِيهِمَا» فمعمول على ما قبل تحريم الكلام فيها دفعًا للمعارضة، وجوابهم بحمله على ما إذا أمسك عن الخطبة حتى يفرغ من صلاته، كما أجابوا به في واقعة سليك الغطفاني فغير مناسب لمذهب الإمام؛ لما علمت أنه يمنع الصلاة بمجرد خروجه قبل الخطبة إلى أن يفرغ من الصلاة] اهـ. هذا هو مذهب الحنفية.
مذهب الشافعية في حكم صلاة سنة الجمعة بعد صعود الخطيب المنبر
أما مذهب الشافعية كما جاء في حواشي "تحفة المحتاج بشرح المنهاج" تعليقًا على قول "المنهاج" في باب الجمعة: [ويسن صلاة ركعتين... إلخ، وكره تحريمًا بالإجماع تنفل أحد من الحاضرين بعد صعود الخطيب على المنبر وجلوسه عليه وإن لم يسمع الخطبة بالكلية لإعراضه عنه بالكلية، ويستثنى التحية لداخل المسجد والخطيب على المنبر، فيسنُّ له فعلها ويخففها وجوبًا، هذا إن صلى سنة الجمعة، وإلا صلاها مخففة وحصلت التحية ولا يزيد على ركعتين بكل حال، فإن لم تحصل تحية كأن كان في غير مسجد لم يصل شيئًا، أما الداخل في آخر الخطبة فإن غلب على ظنه أنه إن صلاها فاتته تكبيرة الإحرام مع الإمام لم يصلِّ التحية؛ أي ندبًا، بل يقف حتى تقام الصلاة ولا يقعد؛ لئلا يجلس في المسجد قبل التحية، ولو صلاها في هذه الحالة استحب للإمام أن يزيد في كلام الخطبة بقدر ما يكملها] اهـ. سواء في ذلك سنَّة الجمعة وغيرها كفائتة حيث لم تزد على ركعتين.
مذهب المالكية في حكم صلاة سنة الجمعة بعد صعود الخطيب المنبر
أما مذهب المالكية كما جاء في "مواهب الجليل بشرح مختصر سيدي خليل" الجزء الثاني في باب صلاة الجمعة: [إن الخطيب إذا خرج على الناس من دار الخطابة أو من باب المسجد فإنه يحرم ابتداءُ الصلاة حينئذٍ ولو لمن دخل المسجد حينئذٍ، واحترز بقوله: (ابتداء) ممن خرج عليه الخطيب وهو في الصلاة فإنه يتمها].
ثم نقل الاتفاق على أنه إذا جلس الإمام على المنبر فإن النفل حينئذٍ يحرم على الجالس، وأما فيما بين جلوسه على المنبر وخروجه على الناس فقد ذَكَرَ فيه مذهبين عند المالكية:
الأول: المنع وهو مذهب "المدونة الكبرى".
والثاني: الجواز.




