المتحف المصري الكبير.. الأزهر للفتوى: مصر تَصون ماضيها وتَبني حاضرها
قال مركز الأزهر العالمي للفتوى تزامنا مع افتتاح المتحف المصري الكبير، غدا السبت إن مصر تَصون ماضيها، وتَبني حاضرها، وتُلهم العالم بِرؤَى المُستقبل.
إنجازٌ ملهمٌ شاهدٌ على عبقرية الإنسان المصري عبر العصور
وأوضح الأزهر للفتوى أن المتحف المصري الكبير إنجازٌ ملهمٌ شاهدٌ على عبقرية الإنسان المصري عبر العصور، ودعوةٌ للحفاظ على التُّراث الحضاري بوصفه أمانة حقها الصيانة والإحسان.
ونظرة الإسلام إلى الآثار والحضارات السّابقة نظرة اعتبار وتأمل، يدعو من خلالها إلى التَّفكر في سنن الله وأحوال الأمم، قال سبحانه: {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّه يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}. [العنكبوت: 20]
ما يجب على المصريين تجاه المتحف المصري الكبير؟
وأكد: واجب الأجيال من أبناء مصر أن يحافظوا على هذا الإرث الحضاري، وأن يضيفوا إليه بإبداعهم وأخلاقهم وعِلمهم، ما يُعبّر عن الوفاء للماضي، والمسؤولية تجاه الحاضر والمستقبل.
ولفت إلى أن هذا المتحف ليس مجرد صرح أثري، بل هو منصة انطلاق نحو آفاق التطوير والإبداع، ومصدر لإلهام الأجيال يبعث الثقة في قدراتهم، والأمل في صنع مستقبل يُضاهي روعة الحضارة التي أنشأها الأجداد، بأعلى معايير الإتقان وفنون العمران؛ انطلاقًا من المسؤولية الدّينية والوطنية، وتحقيقًا للأمر الرّباني بإعمار الأرض في قول المَولى سبحانه: {هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا}. [هود: 61]
واختتم الأزهر للفتوى أن افتتاح هذا الصّرح الحضاري الكبير رسالة إلى العالم كلّه أن العمارة المادية أساسها العمارة الرُّوحيّة والأخلاقيّة وبناء الإنسان، وأن مصر تواصل مسيرتها الرائدة في خدمة الإنسانية وحماية تُراثها الخَالد.
امتداد لروح العلم والتأمل
بينما قال الدكتور مظهر شاهين إمام وخطيب مسجد عمر مكرم، إن الاهتمام بالآثار والحضارات القديمة ليس خروجًا عن الإسلام ولا مخالفةً لعقيدته، بل هو امتداد لروح العلم والتأمل التي دعا إليها القرآن الكريم، إذ أمرنا بالنظر في سنن من قبلنا فقال تعالى: «قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ»، وقال سبحانه: «أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ». فالنظر في آثار الماضين عبادة فكرية، ومجال للعبرة، ودليل على إدراك سنن الله في الكون والحضارة.
المتحف المصري الكبير
وتابع في تصريحات صحفية اليوم الجمعة: لا صلة بين الاهتمام بالآثار والعقيدة، فالمسلم لا يقدّسها ولا يعبدها، بل يراها شواهد إنسانية تعبّر عن عبقرية الإنسان وقدرته على البناء. أما الزعم بأن المصريين القدماء عبدة أصنام فباطل، إذ كانوا يؤمنون بفكرة الخلود، وهم أول من عرفوا التوحيد وآمنوا بإله واحد خالقٍ للكون ومدبرٍ له، وقد أثبتت نقوشهم ذلك بوضوح.
وأكمل مظهر شاهين: قد احترم الإسلام الحضارات ولم يطمسها، بل نظر إليها بعين الإنصاف، يأخذ من علومها ما يوافق العقل والحق. ولما دخل الصحابة الكرام إلى مصر، لم يعتدِ أحد منهم على آثارها، لأنها لم تكن تُعبد، ولأنهم أدركوا أنها جزء من تاريخ الأمة وهويتها.

