باحث يفضح كذب المستشرقين:سرقة"الأولياء" وتزييف التراث الصوفي بأقلام يهودية|خاص
كشف الباحث الصوفي مصطفى زايد عن جانب خفي من تاريخ الاستشراق الأوروبي، يتعلق بسرقة المخطوطات الصوفية النادرة من العالم الإسلامي، وما تبعها من عمليات تزييف وتحوير طالت التراث الروحي للأمة، في محاولة لتغيير معالم التصوف الإسلامي وتحويله إلى فلسفة إنسانية منزوعة الجذور الدينية.
ذاكرة الأمة الإسلامية
وقال الباحث الصوفي زايد في تصريحات خاصة لنيوز رووم :إن المخطوط الصوفي هو ذاكرة الأمة الإسلامية، ووعاء أسرارها الروحية، وقد تعرض في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر لهجمة منظمة من بعثات استشراقية ضمت باحثين يهود ومسيحيين، تحركهم أطماع علمية وسياسية في آن واحد.
سرقة التراث باسم العلم
أوضح" زايد "أن هذه البعثات دخلت البلاد الإسلامية تحت لافتة البحث العلمي، لكنها كانت تعمل ضمن مشروع استعماري هدفه السيطرة على الوعي الثقافي. وأضاف أن طرق الحصول على المخطوطات تنوعت بين الشراء بأسعار زهيدة من ورثة العلماء، والنهب المباشر أثناء فترات الاضطراب السياسي، فضلًا عن “الهدايا القسرية” التي كانت تُقدَّم إلى القناصل والسفراء الأوروبيين.
وأشار"زايد" إلى أن اليمن كانت من أكثر الدول تضررًا، إذ خرجت من مساجد صنعاء وزبيد عشرات المخطوطات الصوفية النادرة لتستقر في مكتبات بريطانيا وألمانيا وإسرائيل، بينما شهد المغرب العربي نهب مكتبات فاس وتلمسان، وانتقال كنوزها إلى مكتبة الفاتيكان والمكتبة الوطنية في باريس.
من السرقة إلى التزييف
أكد الباحث أن ما جرى بعد ذلك كان أخطر من السرقة المادية، إذ بدأ بعض المستشرقين في تحقيق تلك المخطوطات بطريقة أعادت صياغتها بما يخدم الرؤية الغربية. وقال إن “هدف هؤلاء لم يكن فهم التصوف، بل إعادة تعريفه بما يتناسب مع فلسفة الغرب”.
وأشار إلى أن تغييرات عديدة طرأت على المفاهيم والمصطلحات، حيث حُوِّل معنى “الفناء في الله” إلى “الاتحاد بالوجود”، وتم تجاهل الأحاديث النبوية والآيات القرآنية التي يستند إليها المتصوفة، كما نُسبت بعض المؤلفات إلى غير أصحابها، مثل مخطوطة أسرار النور التي زُعم أنها للإمام الغزالي، بينما أثبت الدكتور عبد الرحمن بدوي أنها ملفقة.
التأويل العبري للتصوف
ولفت زايد إلى أن بعض المستشرقين اليهود حاولوا تفسير التصوف الإسلامي من خلال الكابالا اليهودية، فربطوا بين “الحكمة الصوفية” و”الهوخما” العبرية، وبين “النور الإلهي” و”الأور عين صوف” في الفكر العبري، في محاولة لتصوير التصوف كامتداد للفكر الغنوصي اليهودي.
وأضاف الباحث أن عددًا من العلماء المسلمين تصدوا لهذه الادعاءات، من بينهم الدكتور مصطفى حلمي والدكتور عبد الحليم محمود، اللذان أكدا أن التصوف نابع من القرآن والسنة، وليس مستوردًا من أي حضارة أو ديانة أخرى.
دعوة لحماية المخطوطات الصوفية
اختتم زايد حديثه بالتأكيد على أن ما سرقه المستشرقون هو المظهر لا الجوهر، موضحًا أن “التصوف تجربة قلبية لا يمكن أن تُختطف لأنها تعيش في القلوب لا في الكتب”.
وطالب بإنشاء مراكز تحقيق علمي متخصصة، ومكتبات رقمية عربية لحفظ المخطوطات الصوفية من الضياع، مع تدريب أجيال جديدة من الباحثين تجمع بين المعرفة الأكاديمية والتذوق الروحي، حتى لا يظل تراث الأولياء رهينة في خزائن الغرب.
وقال زايد: “إن ما كُتب بالنور لا يُمحى بالحبر، وما نُقش على قلوب العارفين لا يُمحى من ذاكرة الأمة، فالتصوف سيبقى روح الإسلام مهما حاولت القوى المادية أن تسرق نوره أو تُزيف معانيه.”
المراجع العلمية التي استند إليها الباحث:
1. عمر عبد الرحمن الساريسي، تاريخ السرقة العلمية، دار الفكر العربي، القاهرة.
2. صلاح الدين المنجد، المخطوطات العربية في المكتبات الأجنبية، دار الكتاب العربي، بيروت.
3. عبد الرحمن بدوي، مؤلفات الغزالي، وكالة المطبوعات، الكويت.
4. كامل مصطفى الشيبي، الصلة بين التصوف والتشيع، دار المعارف، القاهرة.
5. مصطفى حلمي، الاستشراق والتصوف الإسلامي، دار الدعوة، الإسكندرية.
6. عبد الحليم محمود، التصوف: المنهج والمبدأ والغاية، دار المعارف، القاهرة.




