عاجل

هل يجوز التوسل بالنبي صلي الله عليه وسلم في الدعاء بعد انتقاله؟

التوسل بالنبي
التوسل بالنبي

هل يجوز التوسل بالنبي صلي الله عليه وسلم في الدعاء بعد انتقاله؟، من الأسئلة الشائعة والتي تحاط بجدل كبير خاصة مع تأويل التيارات المتشددة لحديث استسقاء عمر رضي الله عنه وتوسله بالعباس عم النبي صلى الله عليه وسلم.

هل يجوز التوسل بالنبي صلي الله عليه وسلم في الدعاء بعد انتقاله؟

يقول الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، إن من المعاني التي أُسيء فهمها في الإسلام في عصرنا الحديث معنى «التوسل» مما يوجب علينا أن نعود للأصل اللغوي والمعنى الشرعي للتوسل قبل الحديث عن حكم التوسل بالنبي صلي الله عليه وسلم.

معنى الوسيلة في اللغة والشرع :

الوَسِيلةُ في اللغة : الـمَنْزِلة عند الـمَلِك. و الوَسِيلة: الدَّرَجة. و الوَسِيلة: القُرْبة. و وَسَّل فلانٌ إِلـى الله وسِيلةً إِذا عَمِل عملاً تقرَّب به إِلـيه. و الواسِل: الراغِبُ إِلـى الله؛ قال لبـيد:

أَرى النـــــاسَ لا يَدْرونَ مـــــــــا قَدْرُ أَمرِهم                   **           بَلـى كـــــــــــلُّ ذي       رَأْيٍ          إِلـى الله واسِلُ

وتوَسَّل إِلـيه بوَسِيلةٍ إِذا تقرَّب إِلـيه بعَمَل. وتوَسَّل إِلـيه بكذا : تقرَّب إِلـيه بحُرْمَةِ آصِرةٍ تُعْطفه علـيه. و الوَسِيلةُ: الوُصْلة والقُرْبى، وجمعها الوسائل.

ولا يخرج معنى الوسيلة الشرعي عن ذلك المعنى اللغوي، فإن قضية حياة المسلم هي أن يتقرب إلى الله ويحصل رضاه وثوابه، ومن رحمة الله بنا أن شرع لنا كل العبادات وفتح باب القرب إليه، فالمسلم يتقرب إلى الله بشتى أنواع القربات التي شرعها الله عز وجل، وذلك عندما يصلي المسلم فإنه يتقرب إلى الله بالصلاة، أي أنه يتوسل إلى الله بهذه الصلاة، وعليه فإن القرآن كله يأمرنا بالوسيلة (بالقرب) إلى الله.

وقد ذكر الوسيلة في كتابه العزيز في موضعين؛ الموضع الأول : يأمر بها قال تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ ﴾، والثاني : يثني الله على الذين يتوسلون إليه في دعائهم قال تعالى ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا ﴾.

التوسل بالنبي في المذاهب الأربعة

وقد اتفقت المذاهب الأربعة على جواز التوسل بالنبي صلي الله عليه وسلم بل استحباب ذلك، وعدم التفريق بين حياته صلي الله عليه وسلم وانتقـاله الشريف صلي الله عليه وسلم ولم يشذ إلا ابن تيمية حيث فرق بين التوسـل بالنبي صلي الله عليه وسلم فى حياته وبعد انتقاله صلي الله عليه وسلم ، ولا عبرة لشذوذه، فندعو الأمة إلى التمسك بما اتفق عليه أئمتها الأعلام، وحتى لا نكرر الكلام ففي إجابة السؤال رقم 39 والذي كان يسأل عن قوله تعالى : ﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا ﴾. هل تلك الآية باقية أم انتهت بانتقال النبي صلي الله عليه وسلم ، نقلنا ما يثبت استحباب المذاهب الأربعة للتوسل بالنبي وطلب الاستغفار منه صلي الله عليه وسلم ، فلتراجع، وفيما يلي نسرد الأدلة من الكتاب والسنة التي كانت سندًا لإجماع المذاهب الأربعة وهي :

أدلة القرآن الكريم

قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ ﴾: فالآية  تأمر المؤمنين أن يتقربوا إلى الله بشتى أنواع القربات، والتوسل إلى النبي صلي الله عليه وسلم في الدعاء من القربات، التي ستثبت تفصيلا في استعراض أدلة السنة، وليس هناك ما يخصص وسيلة عن وسيلة، فالأمر عام بكل أنواع الوسائل التي يرضى الله بها، والدعاء عبادة ويقبل طالما أنه لم يكن بقطيعة رحم، أو إثم، أو احتوى على ألفاظ تتعارض مع أصول العقيدة ومبادئ الإسلام.

قوله تعالى: ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا ﴾: يثني الله عز وجل على هؤلاء المؤمنين الذين استجابوا لله، وتقربوا إليه بالوسيلة في الدعاء، كما سنبين كيف يتوسل المسلم إلى الله في دعائه من السنة : والآية صريحة في طلب الله من المؤمنين الذهاب إلى النبي صلي الله عليه وسلم ، واستغفار الله عند ذاته صلي الله عليه وسلم الشريفة، وأن ذلك أرجى في قبول استغفارهم.

أدلة السنة النبوية

قصة الحديث: أن رجلا كان يختلف إلى عثمان بن عفان رضي الله عنه في حاجة له، فكان عثمان لا يلتفت إليه، ولا ينظر في حاجته، فلقي عثمان بن حنيف، فشكا إليه ذلك، فقال له عثمان بن حنيف : ائت الميضأة فتوضأ ثم ائت المسجد، فصل فيه ركعتين، ثم قل : اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد صلي الله عليه وسلم نبي الرحمة، يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي فتقضي لي حاجتي، وتذكر حاجتك، ورح إلى حتى أروح معك. فانطلق الرجل فصنع ما قاله له، ثم أتى باب عثمان بن عفان فجاء البواب، حتى أخذ بيده، فأدخله على عثمان بن عفان وأجلسه معه على الطنفسة وقال له : ما حاجتك ؟ فذكر حاجته، فقضاها له، ثم قال : ما ذكرت حاجتك حتى كانت هذه الساعة، وقال : ما كانت لك من حاجة فائتنا، ثم إن الرجل خرج من عنده، فلقي عثمان بن حنيف، فقال له : جزاك الله خيرًا، ما كان ينظر في حاجتي ولا يلتفت إلي حتى كلمته في، فقال عثمان بن حنيف: والله ما كلمته ولكن شهدت رسول الله صلي الله عليه وسلم وأتاه رجل ضرير.

تم نسخ الرابط