مساجد تاريخية|مسجد محمد علي.. جوهرة العمارة العثمانية في قلب القاهرة
يعد مسجد محمد علي باشا بالقلعة أحد أبرز المعالم الأثرية الإسلامية في العاصمة المصرية القاهرة، ومن أهم الرموز المعمارية التي تجسد حقبة الدولة المحمدية العلوية, يقع المسجد شامخا داخل قلعة صلاح الدين الأيوبي، حيث يتربع على أحد مرتفعات جبل المقطم، فيبدو واضحا للناظرين من مختلف أرجاء المدينة، كأحد أعظم شواهد التاريخ على تلاقي الفن الإسلامي العثماني مع الروح المصرية.
التصميم المعماري
بدأ محمد علي باشا، مؤسس مصر الحديثة، في إنشاء المسجد عام 1830م، واستمر العمل فيه حتى 1848م، أي قرابة ثمانية عشر عامًا. أُقيم المسجد على الطراز العثماني الذي كان سائدًا في تركيا آنذاك، متأثرا على وجه الخصوص بـ جامع السلطان أحمد في إسطنبول، ليكون بذلك نموذجًا مميزًا للفن المعماري العثماني داخل الأراضي المصرية.
وقد أُطلق عليه اسم مسجد الألبستر أو المرمر نظرًا لاستخدام رخام الألبستر الأبيض في تكسية جدرانه الداخلية والخارجية، مما أضفى عليه طابعًا فخمًا ولمعانًا مميزًا، جعله يبدو كتحفة فنية متكاملة تجمع بين الجمال والدقة والهيبة.
الطراز الداخلي والخارجي
يتكون المسجد من قبة رئيسية ضخمة تحيط بها أربع أنصاف قباب، وتعلوها مئذنتان رشيقتان يصل ارتفاع كل منهما إلى نحو 84 مترًا، في مشهد يجمع بين الرقة والروعة. أما من الداخل، فتزين القبة الزخارف الإسلامية الدقيقة ذات الألوان الذهبية والزرقاء، وتنساب الإضاءة من خلال النوافذ لتضفي على المكان جوًا روحانيًا فريدًا.
ويضم المسجد منبرا من الرخام الأبيض من أجمل منابر المساجد المصرية، إلى جانب منبر خشبي مطعم بالذهب أهداه السلطان عبد المجيد الأول. كما تتوسط صحن المسجد نافورة وضوء جميلة التصميم مغطاة بقبة خشبية رائعة النقوش.
اهتم خلفاء محمد علي باشا بالمسجد بعد وفاته، فأكملوا بناءه وأجروا عليه تحسينات متعددة، كان أبرزهم:عباس حلمي الأول، ومحمد سعيد باشا، والخديوي إسماعيل،والخديوي توفيق.
إلا أن أضخم عملية ترميم تمت في عهد الملك فؤاد الأول، الذي أمر بإصلاح التشققات التي أصابت جدران المسجد نتيجة خلل هندسي. ثم جاء الملك فاروق الأول ليكمل المهمة، فتمت إعادة افتتاح المسجد للصلاة بعد ترميم شامل أعاد إليه بريقه وأصالته.
الموقع والأهمية السياحية
شُيّد المسجد في جزء من أرض قصر الأبلق داخل قلعة صلاح الدين الأيوبي، وهو اليوم من أهم معالم حي الخليفة في المنطقة الجنوبية بالقاهرة, يجاوره داخل القلعة مسجد الناصر محمد بن قلاوون، وخارجها تقع مجموعة من أروع المساجد الأثرية مثل:مسجد السلطان حسن، ومسجد الرفاعي.



