أحبب الله يحبك أهل الأرض والسماء..من أقوال الشيخ الدسوقي في ذكرى مولده
تحتفل الطرق الصوفية في هذه الأيام بذكرى ميلاد القطب الصوفي سيدي إبراهيم الدسوقي، أحد أعلام التصوف الإسلامي وأئمة السلوك الروحي في القرن السابع الهجري، وإمام الطريقة الدسوقية التي انتشرت أنوارها في ربوع مصر والعالم الإسلامي.
ويعد الشيخ الدسوقي واحدا من الأربعة الأقطاب الكبار في التصوف إلى جانب الجيلاني والرفاعي والبدوي,و جمع السيد إبراهيم الدسوقي بين العلم الظاهر والباطن، فكان عالِمًا بالشريعة، محققًا في الحقيقة، ومربيًا للنفوس على الإخلاص والصفاء والمحبة.
وُلد السيد إبراهيم الدسوقي بمدينة دسوق بمحافظة كفر الشيخ، ونشأ في بيئة علمية وروحية زاخرة، فحفظ القرآن ودرس علوم الدين، ثم انقطع للعبادة والتربية الروحية حتى صار قبلةً للمريدين ومعلّمًا للسالكين إلى الله. وتجلت في أقواله وأحواله معاني الزهد والمحبة والرحمة بالخلق، فكان يقول إن طريق الله لا يُدرك إلا بالصفاء والنقاء، وإن المريد الصادق هو من جمع بين العلم والعمل، وبين الشريعة والحقيقة.
من أقوال الشيخ إبراهيم الدسوقي
خلد التاريخ عن الإمام الدسوقي كلمات تُعدّ منارات للسالكين ودروسًا خالدة في تهذيب النفس وتزكية القلب، ومن أشهر أقواله:
"لا يكمل العبد حتى يكون محبًا لجميع الناس مشفقًا عليهم ساترًا لعوراتهم."
"الشريعة أصل والحقيقة فرع، فالشريعة جامعة لكل علم مشروع، والحقيقة جامعة لكل علم خفي، وجميع المقامات مندرجة فيها."
"يجب على المريد أن يأخذ من العلم ما يجب عليه في تأدية فرضه ونفله، ولا يشتغل بالفصاحة والبلاغة فإن ذلك شغل له عن مراده، بل يفحص عن آثار الصالحين في العمل ويواظب على ذكر الله عز وجل"
"أكل الحرام يوقف العمل ويوهن الدين، ومعاشرة أهل الأدناس تورث الظلمة للبصر والبصيرة"
"إن الله عز وجل يحب من عباده أخوفهم منه وأطهرهم قلبًا وفرجًا ولسانًا ويدًا، وأعفهم وأكرمهم وأكثرهم ذكرًا وأوسعهم صدرا"
"إياكم ومؤاخاة النساء وإطلاق البصر، فإن هذا كله نفوس وشهوات، ومن أحدث في الطريق ما ليس فيه فليس هو منا ولا فينا"
"أحبب الله يحبك أهل الأرض والسماء، وأطعه يطع لك الجن والإنس والهواء."
"من قام في الأسحار ولازم الاستغفار كشف له عن الأنوار"
"إن أردت أن تتقرب إلى ربك فطهر باطنك وضميرك من الخبث والنية الردية والإضمار بالسوء لأحد من خلق الله عز وجل"
"إن كنت يا ولدي تقنع بورقة تزعم أنها إجازتك، فإنما إجازتك الحقيقية هي حسن سيرتك والإخلاص في سريرتك"
إرث روحي خالد
لم تكن كلمات السيد إبراهيم الدسوقي مجرد مواعظ، بل كانت دستورًا للطريق الصوفي الذي أسسه على المحبة، والصدق، والتواضع، والبعد عن الادعاء. فقد كان يقول:
"الله خصم كل من شهر نفسه بطريقنا ولم يقم بحقها، ومن لم يتعظ بكلامنا فلا يمشِ في ركابنا"
ومع احتفال مريديه بذكرى مولده، تتجدد معاني السمو الروحي، وتتعانق الأرواح في رحاب محبته، حيث تتوافد جموع الزائرين إلى مقامه بمدينة دسوق، يستلهمون من سيرته العطرة دروس الصفاء والإخلاص، مؤكدين أن طريق الأولياء ما زال منارةً للهداية، ودعوةً صادقة إلى محبة الله والخلق جميعا.

