بعد 5 قرون.. الملك تشارلز الثالث يصلي إلى جانب البابا بالفاتيكان
يستعد ملك بريطانيا تشارلز الثالث، للوقوف إلى جانب البابا ليون الرابع عشر في صلاة مشتركة داخل كنيسة سيستين الشهيرة في الفاتيكان، في خطوة غير مسبوقة منذ الانقسام الكنسي الذي أدى إلى ولادة الكنيسة الأنجليكانية في القرن السادس عشر.
وتشير صحيفة «ميدي ليبر» الفرنسية إلى أن العاهل البريطاني وصل إلى روما مساء الأربعاء، في زيارة رسمية برفقة الملكة كاميلا، وسط أجواء مشحونة داخل العائلة المالكة على خلفية فضيحة جديدة تطال شقيقه الأمير أندرو، المرتبطة بقضية رجل الأعمال الأمريكي جيفري إبستين المتهم بالاتجار بالبشر.

مشاركة في قداس يوحد الكنيستين بعد قرون من الانقسام
يشارك الملك تشارلز، الذي يشغل أيضًا منصب الحاكم الأعلى للكنيسة الأنجليكانية، اليوم الخميس في قداس مسكوني فريد من نوعه داخل كنيسة سيستين تحت قبة تزدان بروائع ميكيلانجيلو، إلى جانب البابا ليون الرابع عشر.
ويتمحور القداس حول قضية حماية البيئة، وهي من أبرز القضايا التي يدافع عنها الملك منذ عقود، مما يمنح اللقاء بعدًا إنسانيًا وروحيًا يتجاوز الطابع البروتوكولي.
وينظر إلى هذه الخطوة بوصفها لحظة رمزية مفصلية في مسار العلاقات بين الكنيستين الكاثوليكية والأنجليكانية، بعد قرون من الانقسام الذي بدأ عام 1534 عندما رفض البابا آنذاك إلغاء زواج الملك هنري الثامن من كاثرين أراغون.
الملك تشارلز يتسلم لقبًا فخريًا ويكرس تقاربًا جديدًا
يحصل الملك خلال زيارته على لقب «الأخ الملكي» في بازيليك القديس بولس خارج الأسوار، حيث خصص له مقعد دائم سيستخدم مستقبلاً من قبل ملوك بريطانيا القادمين، في تقليد رمزي يعكس التقارب المتجدد بين المؤسستين الدينية والسياسية.
كما يشارك مع الملكة كاميلا في قداس ثانٍ داخل البازيليك ذاتها، في مشهد يكرس عودة العلاقات الروحية بين لندن والكرسي الرسولي، بعد انقطاع دام أكثر من 4 قرون قبل أن تستأنف رسميًا عام 1982.

فتح صفحة جديدة في تاريخ الكنيستين
يصف أستاذ التاريخ الكنسي بجامعة أكسفورد ويليام غيبسون، اللقاء بأنه حدث تاريخي بكل المقاييس، مؤكدًا أن القوانين البريطانية ما زالت تلزم الملك بالبقاء بروتستانتيًا رغم تعديلات سمحت للعائلة المالكة بالزواج من كاثوليك دون فقدان حقهم في وراثة العرش.
الملك تشارلز يواجه العاصفة العائلية بثبات رغم المرض
يتعامل الملك تشارلز مع الزيارة في توقيت حساس، إذ أعادت مذكرات فرجينيا جوفري تسليط الضوء على فضيحة شقيقه الأمير أندرو، المتورط في قضية إبستين، مما دفع الملك إلى سحب لقب دوق يورك منه الأسبوع الماضي، لاحتواء تداعيات الأزمة على سمعة العائلة المالكة.
وعلى الرغم من معاناته من مرض السرطان الذي أعلن عنه مطلع عام 2024، يواصل الملك، البالغ من العمر 76 عامًا، أداء مهامه الرسمية بحيوية لافتة، مثبتًا أن المرض لم يحد من التزامه بدوره العام.

تأكيد الالتزام بالسلام الروحي والبيئي
يجسد هذا اللقاء في الفاتيكان انتصار الدبلوماسية الإيمانية على جراح التاريخ، إذ يفتح الباب أمام حقبة جديدة من الحوار والوحدة الروحية بين الكاثوليك والأنجليكان، تحت مظلة مشتركة من القيم الإنسانية وحماية كوكب الأرض.



