جريمة الأزياء.. انقراض بغبغاء كارولينا بسبب أستغلاله في مجال الموضة

هل سمعتم يوماً بجرائم الموضة؟ إليكم واحدة منها! في العصر الذهبي، تسبّبت صناعة القبعات كبيرة الحجم المزيّنة بالريش بانقراض أحد أجمل الطيور على الإطلاق: ببغاء كارولينا الذي ينتمي إلى فئة الباراكيت!
موضة العصر الذهبي
في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية، تراوح العصر الذهبي أو Gilded Age بين عامي 1870 وأواخر تسعينيات القرن التاسع عشر.
وكانت موضة تلك الفترة تتميّز باعتماد النساء تنانير طويلة تصل إلى الأرض مع قبعات ضخمة مزيّنة بالريش المرتّب واللافت.
صحيح أنّ هذه الصيحة كانت جميلة ودلالة على المكانة المرموقة للنساء اللواتي اعتمدنها، إلا أنّ تأثيرها كان مدمّراً على الطيور حول العالم. ولم تنتهِ الظاهرة مع نهاية العصر الذهبي، بل بلغت ذروتها في العقود التي سبقت الحرب العالمية الأولى، حين كانت الفترة الأسوأ بالنسبة للطيور.


كانت الطيور تُصطاد بأسهم غير حادة للحفاظ على سلامة ريشها، ثم تُدخن جلودها لحفظها قبل شحنها إلى الأسواق. وكان الخيار الأكثر استدامة هو ريش النعام الذي يُقطف مرتين في السنة من دون قتل الطيور، وكانت جنوب أفريقيا المركز الأول لصناعة ريش النعام.
لكن لم تسلم جميع الأنواع من «جرائم الموضة». فقد ذُبحت الطيور المغردة، والبوم، والطيور المائية، وحتى الغرابيات في مختلف أنحاء نصف الكرة الغربي لتزيين القبعات. وفي فصلي الربيع والصيف، ازداد الطلب على ريش الطيور الاستوائية ذات الألوان الزاهية.
هذه «التجارة الفاخرة للريش» كانت السبب في انقراض ببغاء كارولينا الأجمل على الإطلاق!هل تعلم؟

كانت أغلى حمولة على متن سفينة التايتانيك الشهيرة: 40 صندوقاً من الريش موجهة إلى صانعي القبعات في نيويورك. بلغت قيمة التأمين عليها نحو 2.3 مليون دولار بالقيمة الحالية! في ذلك الوقت، لم يكن هناك سوى الماس يفوقها قيمة.
انقراض ببغاء كارولينا
كانت تلك الببغاوات ذات الألوان البديعة تنتقل في أسراب ضخمة من جنوب نيويورك وويسكونسن حتى خليج المكسيك.
وعلى عكس أنواع أخرى، كانت تتحمل البرد ولا تهاجر جنوباً في الشتاء.
في العصر الذهبي، قُطعت الغابات لإفساح المجال للمزارع، فكان يُطلق الرصاص على هذه الطيور لأنها تتغذى من المحاصيل والبساتين. كما اصطادها الصيادون لبيعها كحيوانات أليفة أو لاستعمال ريشها الملوّن في الأزياء وتزيين شعر السيدات.

في عام 1886 وحده، أودت تجارة القبعات بحياة نحو 5 ملايين طائر من مختلف الأنواع. وبحلول عام 1918، مات آخر ببغاء كارولينا في الأسر!
تحرّكات لإنقاذ الطبيعة
بسبب الكوارث التي لحقت بالطبيعة والطيور في العصر الذهبي، بدأت تظهر أنشطة لمكافحة هذه الظاهرة. ففي عام 1896، أسّست السيدة هارييت لورانس هيمينواي وابنة عمها مينا ب. هول ما أصبح لاحقاً «جمعية ماساتشوستس أودوبون»، من خلال استضافة حفلات شاي وتشجيع السيدات على التوقف عن ارتداء القبعات المزيّنة بالريش.
كبرت المنظمة لتصبح «الجمعية الوطنية أودوبون»، وضغطت لتمرير قوانين تنظم تجارة الريش، مثل قانون لاسي لعام 1900، الذي حظر استيراد الحيوانات البرية المصطادة بشكل مخالف للقوانين المحلية.
أما القانون الأبعد مدى والأكثر تأثيراً فكان قانون معاهدة الطيور المهاجرة، الذي وقّعه الرئيس وودرو ويلسون عام 1918، ووضع جميع الطيور المهاجرة تحت الحماية الفيدرالية، ومنع قتلها أو حيازة أجزائها حتى لو تساقطت طبيعياً.
إلى جانب الحماية القانونية، أثّرت الحرب العالمية الأولى على تراجع موضة الريش، إذ أصبحت الملابس أكثر عملية وأقل زخرفة، وتقلّصت أحجام القبعات. وبحلول عشرينيات القرن الماضي، تلاشى الطلب على الريش بشكل شبه كامل.