عاجل

ترامب أو بوتين.. لمن تنحاز إيران بعد انهيار المفاوضات النووية؟

ترام وبوتين
ترام وبوتين

منذ انهيار سريان الاتفاق النووي لعام 2015 بهدوء وعودة العقوبات الأوروبية، تجد إيران نفسها على أعتاب مرحلة جديدة تتسم بالعقوبات والتعثر الدبلوماسي.

ووفقًا لتقرير نشرته صحيفة هآرتس الإسرائيلية، فإن طهران باتت غير واثقة من مدى إمكانية الاعتماد على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أو الصين، بينما لم يحدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بعد موقع إيران ضمن رؤيته الخاصة لشرق أوسط ينعم بالسلام.

وانتهى الاتفاق النووي، الذي أُبرم في عام 2015، انتهى دون ضجة أو تغطية دولية تذكر، وبعد عشر سنوات من توقيعه لم تتحقق الطموحات المرجوة منه، سواء بالنسبة لإيران أو للمجتمع الدولي، حيث كان يفترض أن يجعل من إيران دولة مزدهرة ذات برنامج نووي محدود وخاضع للرقابة، مع انفتاح واسع على العالم.

لكن التطورات السياسية غيرت هذا المسار، لا سيما بعد انسحاب ترامب الأحادي من الاتفاق في مايو 2018 تحت ضغوط إسرائيلية، ما أدى إلى تدهور العلاقات ووصلت التوترات إلى ذروتها في يونيو الماضي، مع اندلاع مواجهة مباشرة بين إيران وإسرائيل، وبتدخل أمريكي بارز.

ترامب وبوتين
ترامب وبوتين

غموض موقف ترامب تجاه إيران

تصف هآرتس مواقف ترامب تجاه إيران بأنها غير واضحة، وتشبه في ترددها تعامله مع حركة حماس في غزة، حيث يتراوح بين التهديد بالتدمير الشامل، وبين الضغط على إسرائيل لوقف الحرب، بل وفتح باب التفاوض مع مسؤولي الحركة.

وقبل نحو عشرة أيام، صرح ترامب بأن إيران تدعم خطته المكونة من 20 نقطة لحل الأزمة في غزة، مؤكداً أنها أبلغته برغبتها في تحقيق السلام ودعمها الكامل للمبادرة، وهذا ما أكده أيضًا وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، الذي أعرب عن ترحيبه بأي جهد ينهي الإبادة في غزة ويطرد قوات الاحتلال.

رفض إيران حضور قمة السلام بسبب ترامب

ومع ذلك، رفض الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، دعوة ترامب لحضور مؤتمر السلام في شرم الشيخ، مبررًا الرفض بعدم إمكانية التواصل مع من هاجموا الشعب الإيراني ويفرضون العقوبات عليه.

وأثار هذا الموقف أثار جدلًا داخليًا في إيران، حيث وجهت انتقادات لبزشكيان على تفويته فرصة الظهور إلى جانب قادة العالم وصنّاع القرار، وربما الشروع في تواصل مع ترامب، الذي طالما لوّح بإمكانية تقديم مكاسب إيجابية لطهران في حال شاركت في محادثات سلام مع إسرائيل.

ورغم توافق دولي شبه شامل على ضرورة إنهاء الحرب في غزة، تبقى القضية النووية الإيرانية مختلفة في طبيعتها وتعقيدها، إذ تمس صميم التوازنات الداخلية على السلطة ومستقبل البلاد.

ومع تفعيل آلية الزناد يوم السبت، والتي أعادت العقوبات الأممية تلقائيًا بعد فشل إيران في منعها، تقول طهران إن انتهاء الاتفاق النووي يعني انتهاء مفعول هذه الآلية، إلا أن الدول الغربية ترى عكس ذلك.

إيران لا تثق في بوتين

في الداخل الإيراني، تدور نقاشات حول مدى إمكانية الاعتماد على روسيا والصين كضمانة ضد الضغوط والعقوبات الغربية. 

وصرح محمد جواد ظريف، وزير الخارجية الإيراني السابق، بأن روسيا تمثل عنصرًا مهمًا، لكن لديها خطوطًا حمراء، على رأسها عدم سماحها لإيران بإقامة علاقات سلمية حقيقية مع الغرب.

ووفق ما أوردته هآرتس، فإن هذا التصريح يعكس حالة من الشك المتصاعد، بلغت ذروتها مع سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، والذي اتُهمت موسكو بعدم الدفاع عنه بما فيه الكفاية، وهو ما يصب في نظر الإيرانيين، لصالح إسرائيل.

ورغم توقيع اتفاقيات تعاون استراتيجية طويلة الأمد بين إيران وروسيا والصين، واستثمارات بمئات الملايين من الدولارات، فإن تلك الاتفاقيات لا تتضمن أي التزام بالدفاع المشترك، على سبيل المثال، أعلنت إيران مؤخرًا عن شراء 48 طائرة مقاتلة من طراز "سوخوي سو-35" من روسيا، لكن صفقة سابقة لشراء 24 طائرة في عام 2022 لم تُنفذ حتى الآن.

وزاد من حدة الشكوك الإيرانية زيارة الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع إلى موسكو، والتي فسرت في طهران على أنها بداية تقارب روسي مع النظام الجديد في دمشق على حساب المصالح الإيرانية هناك. 

كما حذر السفير الإيراني السابق نعمة الله إيزادي من العقبات التي قد تحول دون تنفيذ الاتفاقات مع موسكو، مشيرًا إلى أن بوتين قد يُضحي بإيران في سبيل استرضاء ترامب أو مقابل رفع العقوبات عن بلاده.

كما ترى "هآرتس" أن تصريحات بوتين حول حواره مع رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والتي وعد خلالها بأن إسرائيل لا ترغب في الدخول بصراع عسكري جديد، لم تمنح إيران الطمأنينة الكافية، بل على العكس، قد ترى طهران في ترامب شريكًا محتملاً للجم إسرائيل ومنعها من التورط في مغامرة عسكرية ضدها.

تم نسخ الرابط