محمد أبو الغار يكشف حقائق تاريخية عن الوجود اليهودي بمصر وعلاقتهم بالمجتمع

كشف الدكتور محمد أبو الغار، المفكر والطبيب المصري، عن مجموعة من الحقائق التاريخية المهمة حول الوجود اليهودي في مصر، وتطور علاقتهم بالمجتمع المصري، مشددًا على أن الدين لا علاقة له بالسياسة، وأن الصهيونية ليست دينًا بل حركة سياسية.
الدين والسياسة لا يلتقيان
أكد الدكتور محمد أبو الغار، خلال مداخلة عبر برنامج كلمة اخيرة مع الإعلام أحمد سالم المذاع على شاشة قناة أون، أن الدين علاقة خاصة بين الإنسان وربه، ولا يجب خلطه بالسياسة أو استخدامه لتحقيق مكاسب دنيوية.
وأوضح أن تجارب المنطقة العربية أظهرت أن تسييس الدين يؤدي إلى انقسام المجتمعات وخلق أزمات دائمة، لافتًا إلى أن الإيمان الحقيقي لا يرتبط بالمصالح أو السلطة.
الصهيونية ليست دينًا بل حركة سياسية
وقال أبو الغار إن الصهيونية تُعد حركة سياسية تبناها بعض اليهود في أوروبا لتحقيق أهداف قومية، مشيرًا إلى أن كثيرًا من اليهود في العالم يرفضون الفكر الصهيوني.
وأوضح أن الصهيونية تختلف تمامًا عن الديانة اليهودية، فهي مشروع سياسي هدفه إقامة وطن قومي لليهود، وليس مبدأ دينيًا من تعاليم التوراة.
الوجود اليهودي في مصر منذ آلاف السنين
أوضح الدكتور محمد أبو الغار أن الوجود اليهودي في مصر قديم جدًا ويعود إلى عام 525 قبل الميلاد، مؤكدًا أنهم عاشوا فترات طويلة في سلام وتعايش داخل المجتمع المصري.
وأضاف أن أكثر فترة شهدت تواجدًا يهوديًا كانت بين عامي 1917 و1927، حيث بلغت نسبتهم نحو 1.3% من سكان مصر، وكانوا جزءًا فاعلًا من النسيج الاقتصادي والاجتماعي للبلاد.
الطوائف اليهودية في مصر
كشف أبو الغار أن اليهود في مصر انقسموا إلى طائفتين رئيسيتين: القراؤون والربانيون، موضحًا أن الأخيرة كانت تمثل حوالي 90% من يهود مصر.
وأضاف أن الربانيين كانوا مصريين حقيقيين يتحدثون العربية ويمارسون حياتهم اليومية كجزء من المجتمع، وكان أغلبهم من الأغنياء وأصحاب رؤوس الأموال الذين ساهموا في ازدهار الاقتصاد المصري.
حارة اليهود كانت حيًا متكاملًا
وأشار الدكتور أبو الغار إلى أن ما يُعرف بـ"حارة اليهود" لم تكن مجرد حارة صغيرة، بل حي متكامل يضم عددًا من الحواري والشوارع الصغيرة، وكان به كل مقومات الحياة.
وأوضح أن الحي لم يكن مقتصرًا على اليهود فقط، بل عاش فيه أيضًا مسلمون ومسيحيون في جو من التعايش والاحترام المتبادل.
قانون الامتيازات الأجنبية وفوضى الأجانب في مصر
وقال أبو الغار إن الأجانب الذين عاشوا في مصر خلال العهد العثماني خضعوا لقانون الامتيازات الأجنبية، الذي اعتبره قانونًا ظالمًا لأنه سمح لهم بالإفلات من القوانين المصرية، ما تسبب في فوضى قانونية كبيرة.
وأشار إلى أن مصطفى النحاس باشا ألغى تلك الامتيازات في مؤتمر مونترو عام 1937، وكان من شروط الإلغاء تمصير الوظائف بالشركات الأجنبية بنسبة محددة.
الجنسية المصرية واليهود
وأوضح الدكتور محمد أبو الغار أن في عام 1947 كان هناك نحو 80 ألف يهودي في مصر، بينهم 5 آلاف فقط يحملون الجنسية المصرية، فيما فضّل كثيرون الاحتفاظ بجنسياتهم الأجنبية أو انتظار الحصول على جنسيات أوروبية.
وأضاف أنه بعد إلغاء الامتيازات الأجنبية، سارع العديد من اليهود للحصول على الجنسية المصرية تحسبًا لتغير الأوضاع القانونية.
التعايش والعداء للصهيونية
أكد أبو الغار أن المصريين لم ينظروا إلى اليهود على أنهم أجانب، بل كمواطنين مصريين، موضحًا أن العلاقات بينهم كانت طبيعية حتى اندلاع القضية الفلسطينية التي كانت بداية العداء السياسي مع اليهود.
وقال إن أغلب اليهود المصريين كانوا ضد الصهيونية، ولم يشاركوا في دعم قيام إسرائيل، مشيرًا إلى أن الصهاينة هم من تسببوا في التوتر السياسي لاحقًا.
الهجرة اليهودية ودور الإخوان
وكشف محمد أبو الغار أن أول هجرة يهودية من مصر حدثت قبل عام 1948، عندما غادر مجموعة من الشباب اليهود لتأسيس أول حزب يساري إسرائيلي.
وأضاف أن جماعة الإخوان المسلمين تسببت في مشكلات كبيرة مع اليهود داخل مصر، ووصل الأمر إلى تفجير "حارة اليهود" دون داعٍ في ذلك الوقت.
إسرائيل والعدوان الثلاثي
قال الدكتور محمد أبو الغار إن إسرائيل اشتركت في العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 رغم أنها لم تكن طرفًا مباشرًا في أسبابه.
وأضاف أن وزير الحربية الإسرائيلي آنذاك "لافون" كان يرى ضرورة توتر العلاقات بين مصر والولايات المتحدة لأن استقرارها يهدد مصالح إسرائيل.
اليهود بعد خروجهم من مصر
وأوضح أبو الغار أن اليهود الذين غادروا مصر إلى إسرائيل كانوا من الفقراء والجهلة، بينما لم يغادر أصحاب الأموال أو المتعلمون، مشيرًا إلى أن الوكالة اليهودية كانت وراء تهجير الفقراء لتعمير إسرائيل.
وأضاف أن تأثير اليهود في مصر ثقافيًا كان محدودًا، لكن كان لهم حضور واضح في الفنون القديمة والموسيقى والمسرح.
اللغة والتعليم بين يهود مصر
أكد الدكتور محمد أبو الغار أن المدارس اليهودية في مصر كانت مخصصة للفقراء، ويمولها أغنياء الطائفة، مشيرًا إلى أن اليهود في أوائل القرن العشرين كانوا يتحدثون العربية كلغة أولى، ثم أصبحت الفرنسية هي اللغة السائدة بين الطبقات الثرية.
وأوضح أن اليهود القراؤون ظلوا يتحدثون العربية فقط، بينما استخدم الأغنياء الفرنسية في تعاملاتهم الاجتماعية والعربية في العمل.
دعوة للسلام الحقيقي
واختتم الدكتور محمد أبو الغار تصريحاته بالتأكيد على أن تحقيق سلام حقيقي بين العرب وإسرائيل لن يتم إلا بمبادرة من الجانب الإسرائيلي أولًا، موضحًا أن السلام يحتاج إلى أفعال حقيقية تعكس احترام الشعوب العربية وحقوق الفلسطينيين.