عاجل

محمد الطماوي: إعمار قطاع غزة عملية إنسانية شاملة ترتبط بالاستقرار الأمني

الدكتور محمد الطماوى
الدكتور محمد الطماوى

قال الدكتور محمد الطماوي الباحث في العلاقات الدولية، إن  التقديرات الدولية تشير إلى أن عملية إعادة إعمار قطاع غزة بعد الحرب الأخيرة ستحتاج إلى مبالغ مالية ضخمة قد تتجاوز كل التصورات، في ظل حجم الدمار الهائل الذي لحق بالبنية التحتية والمرافق العامة والمنازل. 

مشيرًا إلى أنه وفقا لتقرير مشترك صادر عن البنك الدُّوَليّ والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي في فبراير 2025، تبلغ التكلفة التقديرية لإعادة الإعمار نحو 53.2 مليار دولار أمريكي، تغطي فترة زمنية تمتد إلى عشرة أعوام، وتشمل إزالة الأنقاض، وبناء المساكن المدمرة، وإصلاح شبكات الكهرباء والمياه والصرف الصحي، وإعادة تشغيل المؤسسات التعليمية والمرافق الصحية.

تأهيل المرافق العامة

وأضاف الطماوي في تصريحات خاصة لـ "نيوز رووم"،  أن الأمم المتحدة قدرت في تقرير صدر في مايو 2024 أن التكلفة الأولية للإعمار تتراوح بين 30 و40 مليار دولار، مع توقعات بارتفاعها تدريجيًا مع توسع المسح الميداني واكتشاف مزيد من الأضرار، مشيرة إلى أن الكلفة النهائية قد تتضاعف إذا شملت إعادة تأهيل المرافق العامة ومشروعات التنمية الاقتصادية طويلة الأجل.

 المبادرات المطروحة

وأكد الباحث في العلاقات الدولية، أن مصر وضعت خطة شاملة لإعادة إعمار غزة بتكلفة تبلغ نحو 53 مليار دولار على مدى خمس سنوات، وهي الخطة التي حظيت بإشادة واسعة من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وعدد من الدول العربية والغربية، نظرًا لكونها الأكثر واقعية وتنظيمًا بين المبادرات المطروحة.

وتشمل الخطة المصرية تنفيذ مشروعات إسكان جديدة، وإعادة تأهيل الطرق، وبناء محطات كهرباء ومياه، وتطوير المدارس والمستشفيات، وإنشاء مناطق صناعية لتوفير فرص عمل للفلسطينيين، في إطار رؤية متكاملة تجمع بين البعد الإنساني والتنموي. 

وتأتي هذه الخطة امتدادًا للدور المصري التاريخي في دعم الشعب الفلسطيني ورعاية الهدنة وإحياء العملية السياسية، إلى جانب الجهود الميدانية في إدخال المساعدات وإزالة الأنقاض وتهيئة المناخ الملائم لبدء مرحلة الإعمار. وقد وصفت مؤسسات دولية هذه الخطة بأنها تعكس نهجًا استراتيجيًا قائمًا على تحقيق الاستقرار الإقليمي والتنمية المستدامة في الأراضي الفلسطينية.

الشفافية في إدارة الأموال

ولفت الطماوي، أن تنفيذ هذه الخطط تواجهها تحديات كبيرة لا تتعلق بالتمويل فقط، بل تمتد إلى العقبات الميدانية واللوجستية، مثل فتح المعابر والسماح بإدخال مواد البناء وتأمين المناطق المنكوبة وضمان استمرار الهدنة، كما يشترط المانحون الدوليون وجود آليات رقابة وإشراف دقيقة لضمان الشفافية في إدارة الأموال وتوجيهها نحو مشروعات حقيقية، مؤكدين أن نجاح العملية يعتمد على التنسيق الكامل بين الأطراف الفلسطينية والجهات المانحة والمؤسسات الدولية لتفادي أي عراقيل سياسية أو إدارية.

وتابع: أن المؤسسات الدولية تقدر أن عملية إعادة الإعمار قد تستغرق أكثر من عشر سنوات، نظرًا لحجم الدمار الهائل وضعف البنية التحتية، إذ تشير التقييمات إلى أن نحو 70% من المنازل دُمّرت كليًا أو جزئيًا، وتضرر ما يقرب من 80% من شبكة الكهرباء و60% من المؤسسات التعليمية والصحية، هذه الأرقام تعكس مدى تعقيد المهمة وصعوبة العودة إلى الحياة الطبيعية في المدى القريب، خاصة في ظل استمرار الحصار وتعدد الأطراف المتداخلة في عملية التمويل والتنفيذ.

وعليه، فإن إعادة إعمار غزة لا تمثل مجرد مشروع هندسي أو مالي، بل هي عملية سياسية وإنسانية شاملة ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالاستقرار الأمني وتعاون المجتمع الدولي، وبينما تتراوح التقديرات بين 30 و80 مليار دولار، تبقى الإرادة الدولية، والقدرة على تنفيذ الخطط المتكاملة والمستدامة، والاعتماد على الدور المصري المحوري، هي العوامل الحاسمة في تمكين الفلسطينيين من استعادة حياتهم وإعادة بناء ما دمرته الحرب، بما يضمن تحقيق تنمية حقيقية ومستقبل أكثر استقرارًا للقطاع والمنطقة بأكملها.

تم نسخ الرابط